Loader
منذ 3 سنوات

حكم دفع السلعة لمعسر على أن يزيد في قيمتها مقابل التقسيط


الفتوى رقم (177) من المرسل السابق، يقول: إذا كان عندي سيارة أو شاة ووقف ثمنها في الحراج بألف ريال مثلا وجاءني شخص معسر ليس عنده مال وقال لي: انتظر عليّ مدة شهر أو شهرين، ولقاء الصبر عليه أزيد الثمن بأكثر من ضعفه, فهل هذا ربا أم لا؟

الجواب:

        الله -جل وعلا- قال: "وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"[1]، وقال: "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ"[2]، والسائل ذكر في سؤاله أمورا تسترعي الانتباه:

        الأمر الأول: أن هذه السلعة استقصى في ثمنها حاضراً أمام الناس.

        والأمر الثاني: أنه جاءه شخص معسر؛ يعني مضطر إلى شراء هذه السلعة.

        والأمر الثالث: أنه أضاف إليه من الربح مثل قيمتها حاضرة, فإذا كانت حاضرة بألف ريال سيبيعها عليه بألفين.

        الأمر الرابع: أن المدة لهذا المقدار من الربح تساوي شهراً على حسب ما ذكره السائل.

        فأنا أنصح السائل وأنصح سائر المستمعين أن يتقوا الله -جل وعلا- في الأشخاص الذين يأتوا إليهم وهم في حاجة إلى أن يستدينوا منهم فعليهم بالرفق.

        أما مشروعية الدين من حيث الأصل، فهذا جاء في سورة البقرة في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ"[3] إلى آخر الآيات التي فصّلت أحكام هذا الموضوع، لكن إذا جاء شخص يستدين من شخص وزاد صاحب السلعة عليه زيادة كثيرة مستغلاً الفرصة, فقد لا يبارك الله له في هذه الصفقة, والله I على كل شيء قدير.

        وإذا أحسن إليه من جهة تقليل الربح، فقد يجعل الله فيه بركة ويعوضه خيراً مما نزله عنه من القدر الزائد عن الربح، فإذا كان في نفسه أن يأخذ عشرة في العشرة ثم أخذ اثنين أو واحد في العشرة يجعل الله بركة فيما أخذه لقاء ما تركه رفقا بأخيه المسلم.

        ومما يؤسف له أن كثيرا من الذين يشتغلون في المداينات لا يرحمون إخوانهم المسلمين في هذا الموضوع، فمنهم من يجعل ما قيمته عشرة بخمسة عشر، ومنهم من يجعله بعشرين، ومنهم من يجعله بخمسة وعشرين، ومنهم من يجعله بثلاثين مع أن المدة لا تكون طويلة، فقد تكون أربعة أشهر، وقد تكون ستة أشهر.

        ومن يعمل مثل هذا في الحقيقة ليس فيه رحمة بإخوانه المسلمين.

        الحاصل أنه يجب على المسلم أن يتقي الله في إخوانه المسلمين، والراحمون يرحمهم الرحمن، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (195) من سورة البقرة.

[2] سورة النحل، الآية (128).

[3] من الآية (282) من سورة البقرة.