حكم طاعة الأم في طاب نزع الحجاب من ابنتها بحجة أنها شابة ويجب أن تستمع بالحياة
- فتاوى
- 2021-09-18
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1544) من المرسلة أ، من العراق، تقول: أنا فتاة محجبة ومتدينة، وأمي ترفض هذا الحجاب وتقول: إنكِ شابة، ويجب ألا تتحجبي وتمتعي بالحياة، هل يجب عليّ أن أطيع أمي فيما تقول؟ أم أتمسك بهدي رسول الله ﷺ؟ وكيف أقارن بين هذا وبين طاعة الوالدين؟
الجواب:
يظهر من السؤال أن السائلة تعرف حكم الحجاب وأن الأصل فيه الوجوب، ولهذا لن أتَعرَّض في الجواب إلى هذا الجانب، والسائلة تريد أن تعرف الحُكْم، هل تأخذ بالأدلة الواردة في الكتاب والسنة الدالة على وجوب الحجاب، أو أنها تأخذ بأمر والدتها. وإذا فرضنا أنها امتنعت عن الأخذ بأمر والدتها، فهل يَتعارِض هذا مع الأمر ببِّر الوالدين.
وبناءً على أن المقصود من السؤال مُتَحدِّد فالجواب: أنه يجب على هذه الفتاة أن تأخذ بما دلَّ عليه القرآن والسنة من وجوب الحجاب، وألا تُطِيع والدتها فيما أمرتها به من ترك الحجاب؛ لأن هذا معصية لله -جلّ وعلا-، وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال:« لا طاعة لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق »، فهذا السؤال على هذا الوجه الذي حدَّدتُه وأجبتُ عنه ينبِّه إلى ناحية هامة، وهي من الأمور التي يقع فيها كثير من الناس، وهي أن الفرد من الناس يطلب أو يَفْرِض على الفرد الآخر أن يُطِيعه فيما هو معصية ٌ لله -جلّ وعلا-، يمنعه من أداء حق الله في وقته، ويشغله في مصلحته في هذا الوقت، يُكلِّفه بأن يشتري له من السوق أمراً مُحرَّماً؛ وبخاصةٍ إذا كان الآمِر يَفْرِض نفسه على المأمور؛ كالأب مع ابنه، أو كالخادم مع مستخدمه، الابن مفروض عليه، والمستخدم مفروض عليه؛ فلا يجوز لشخصٍ أن يأمر شخصاً آخر في فعل معصية من المعاصي، ولا يجوز له أن يأمره بترك واجبٍ من الواجبات التي أوجبها الله عليه؛ لأن هذا تدخُّل من المخلوق في حقوق الخالق فيما بينه وبين خَلْقِه، فالله ينهى العبد عن المعصية، وهذا المخلوق يفرض على هذا المَنْهِّي أن يفعل هذه المعصية. الله يوجب الطاعة على المكلَّف، وهذا الآمِر يفرض على هذا المأمور من جهة الله أن يترك ما أوجبه الله عليه، وهذا مع الأسف كثير، فواجبٌ على كل شخصٍ أن يعرف حق الله -جلّ وعلا-، وأن يعرف حق نفسه، وأن يعرف حقوق الآخرين فيما بينهم وبين الله، وفيما بينه وبينهم فيضع الأمور في مواضعها، ولا يتعدى على حقوق الله -جلّ وعلا-؛ لأنه بهذا يُرَتِّب على نفسه من الأمور التي لا تُحمَد عُقبَاها لا بالنسبة للدنيا، ولا بالنسبة للآخرة، وقد تُمحَقُ منه بركة العمر أو بركة المال في الدنيا؛ كما أنه قد يُعاقب بأنواع من الأمراض.
وبالنسبة للآخرة يعاقبه الله -جلّ وعلا- بما يستحقُّه من العقاب، فرَحِم الله امرأً عرف قَدْرَ نفسه، ونَزَّلها منزلتها وأعطى كلّ ذي حقٍ حقه وبناءً على كلّ ما تقدم: فبالنسبة لموضوع السؤال: لا يجوز لهذه الأم أن تَأمُرَها، ولا يجوز لهذه البنت أن تُطِيعَها، فإذا أصرَّت الأم على الأمر فهي آثمة، وفي ابتداء الأمر -أيضاً- هي آثمة؛ لكن يزيد إثمها بزيادة الإصرار، وعليها أن تتوب إلى الله -جلّ وعلا- وأن تستغفره، وإذا أطاعت البنت أمها في هذا فهي آثمة أيضاً. وبالله التوفيق.