Loader
منذ سنتين

من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، وأن الله غفور رحيم؛ أباح لكثيرٍ من الناس الاستهانة بحرمة ما حرمه الله. أرجو توضيح النص


  • فتاوى
  • 2022-02-03
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (10662) من المرسل السابق، يقول: كثر في زمننا هذا قول: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، وأن الله غفور رحيم؛ مما أباح لكثيرٍ من الناس الاستهانة بحرمة ما حرمه الله. أرجو توضيح هذا الأمر وتعريف مثل هذه النصوص التي يتشبث بها هؤلاء أحسن الله إليكم.

الجواب:

        نزل جبريل على الرسول ﷺ في صورةِ أعرابي والحديث طويل؛ لكن نقتصر منه على هذه الأمور:

        الأمر الأول: أنه سأله عن الإحسان فقال النبي ﷺ: « الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: صدقت. ثم سأله عن الإيمان قال الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. قال: صدقت. ثم سأله عن الإسلام فقال: أن تشهد أن لا إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت. قال له: صدقت ». الصحابة عنده قالوا: عجبنا له يسأله ويصدقه »؛ يعني: جبريل يسأل الرسول ﷺ والرسول يجيب، وجبريل هو الذي يُصدق الرسول ﷺ فلما ذهب جبريل سألهم من هذا؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم فقال: « هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ».

        فبين أن الناس على ثلاث درجات: درجة المحسنين، ودرجة المؤمنين، ودرجة المسلمين. وجاء هذا أصله في القرآن: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}[1]:

        فالسابق بالخيرات هذا في درجة المحسنين؛ بمعنى: إنه يترك المحرمات والمكروهات، ويفعل الواجبات والمستحبات، ويترك جميع الأمور التي فيها اشتباه؛ يعني: يكون ورعاً يأخذ بقوله ﷺ: « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ».

        أما المقتصد فهذا هو الذي يفعل الواجبات ويترك المحرمات.

        وأما الظالم لنفسه فهذا يختلف قد يكون ظلمه وصل إلى درجة أنه ارتكب نوعاً من أنواع الكفر الأكبر، أو ارتكب نوعاً من أنواع النفاق الأكبر، أو ارتكب نوعاً من أنواع النفاق الأكبر، أو ارتكب الشرك الأصغر، أو ارتكب خصلة من خصال النفاق الأصغر، أو خصلة من خصال الكفر الأصغر فيكون ظالماً لنفسه على حسب المخالفة التي وقعت منه.

        وبناءً على ذلك كله: فإن نطق الإنسان بكلمة لا إله إلا الله مع وجود مخالفةٍ مع ارتكابه لنوعٍ من أنواع الشرك الأكبر، أو نوع من أنواع الكفر الأكبر، أو نوع من أنواع النفاق الأكبر؛ هذه لا ينفعه النطق بها.

        فتحقيق هذه الكلمة هو عبادة الله -جلّ وعلا- على الوجه الذي يُرضيه؛ يعني: إثبات التوحيد من جهة، ونفي الشرك من جهةٍ أخرى. لكن كما ذكرت قبل قليل في مسألة الظالم لنفسه أنه قد ينطق بهذه الكلمة لكن يكون ظالماً لنفسه ظلماً لا يخرج به من الإسلام؛ فإن من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الشخص يجتمع فيه إيمان وكفرٌ أصغر؛ يعني: يكون مؤمناً لكن يزني، يكون مؤمناً لكن يسرق، يكون مؤمناً لكن يشرب الخمر؛ فمذهب أهل السنة والجماعة أنّه مؤمنٌ بإيمانه؛ ولكنه فاسقٌ بمعصيته، وهذا بخلاف عقيدة المرجئة؛ فإن المرجئة إذا حصل عند الإنسان اعتقادٌ بقلبه بالله -جلَّ وعلا- نطق بكلمة لا إله إلا الله فإن هذا يكفيه، ولو أنه لم يُصلّ ولم يزكِّ ولم يصم؛ يعني: ترك أركان الإسلام؛ وكذلك حصلت منه المخالفات الأخرى في ترك الواجبات وكذلك في فعل المحرمات فلا بدّ أن يتنبه الإنسان أنه كلما عمل طاعة قربته إلى الله، وكلما عمل معصية أبعدته عن الله بحسب هذه المعصية. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (32) من سورة فاطر.