كيف عرفت الملائكة أن الخليفة سيفسد في الأرض؟
- فتاوى
- 2021-12-17
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (4131) من المرسل س. أ. ع، من السودان، يقول: يقول الله -سبحانه وتعالى- في سورة البقرة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}.... الآية[1] كيف عرفت الملائكة أن الخليفة سيفسد في الأرض ويسفك الدماء، ولم يكن هناك من قبل خليفة من الإنس؟
الجواب:
خلق الله -جل وعلا- الملائكة من نور، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فهم معصومون من الوقوع في الخطأ، وخلق الله الجان من مارج من نار، وخلق الله آدم من طين. وجاء ذكر مراتب خلقه في القرآن أن الله -جل وعلا- خلقه من تراب، وبلّ هذا التراب بالماء، فصار طيناً ثم صار طيناً لازباً، ثم صار حمأ مسنوناً، ثم سمّاه الله -جل وعلا- فصار صلصالاً كالفخار، وأن الله خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، فالله
-جل وعلا- قال: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}[2]؛ يعني: يبين لهم أنه سيخلق خلقاً يعمر هذه الأرض، فلما ذكر لهم ذلك، وهم لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فهذا الكلام الذي ذكره لهم فإن الله -سبحانه وتعالى- أعلمهم بأن هذا الخلق الذي سيخلقه ليس على صفة خلق الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فلما علموا بتعليم الله -جل وعلا- لهم أن هذا النوع من الخلق ليس على صفتهم، وإنما تحصل منهم الطاعة، وتحصل منهم المعاصي، فسألوا ربهم سؤال تأدب: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ فهذا السؤال الذي سألوه ليس على سبيل الاعتراض، وإنما هو على سبيل طلب الإخبار من الله -جل وعلا- من ناحية السؤال عن مقتضى الحكمة في خلق هذا النوع، فقال الله لهم: إني أعلم ما لا تعلمون.
فالشخص إذا كان يقرأ القرآن، ينبغي عليه أن يؤمن وأن يسلم، ولهذا قال -جل وعلا-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[3]. فإذا كان هذا بالنظر بما يصدر من الرسول ﷺ من الحكم، فكيف بكلام الله -جل وعلا-.
ومن المعلوم أن الإيمان بالقرآن من أركان الإيمان، فواجب على العبد أن يسلم، وعليه أن يبحث في معنى الآية على حسب ما ذكره علماء التفسير؛ لأنه باطلاعه على ما يذكره العلماء يزول عنه الإشكال. وبالله التوفيق.