Loader
منذ 3 سنوات

حكم تقديم الهدية للمعلمة بعد التخرج


الفتوى رقم (5336) من المرسلة السابقة، تقول: قدّمتُ لإحدى المعلمات هدية بعد أن تخرجت من عندها فرفضتها، وقالت لي: الرسول ﷺ لم يكن يقبل هدايا من العمّال، فانكسر خاطري لهذا الأمر وآلمني كثيراً، هل من كلمة يا فضيلة الشيخ للذين يرون أن كلّ هدية ما هي إلا رشوة؟ مع شرح حديث الرسول ﷺ: « تهادوا تحابوا ».

 الجواب:

        الهدية ثمرة من الثمرات وهذه الثمرة لها أسبابها، فإذا كانت الهدية مبنية على سببٍ شرعي فلا مانع من قبولها. وإذا كانت الهدية مبنية على سبب غير شرعي فإن الشخص لا يقبلها.

        وليس النظر في مسألة جزئية وإنما النظر في أمر كلي، فإن الهدايا تحصل بين بعض الموظفين ورؤسائهم. وكلّ موظف يقدم هدية إلى رئيسه يراعي فيها قدرته من جهة، وما يليق بالرئيس من جهة أخرى. ولا شك أن هذا النوع من الأمور الممنوعة. وما يقع بين المدرسين أو المدرسات وبين الطلبة أو الطالبات، فيقدم الطالب للمدرسة هدية، ويقدم الطالب للمدرس هدية؛ فالعلاقة بين الطالبة والمعلمة والعلاقة بين الطالب والمدرس علاقة علمية محضة. والمعلم يأخذ أجراً على تعليمه، فإعطاؤه هذه الهدية قد تغيّر مجراه مع الطالب، وتغير مجرى المدرّسة مع الطالبة من جهة التأثير في الدرجات أثناء الدراسة.

        ورد هذه المرأة لهذه الهدية التي جاءت من طالبة بعد تخرجها هذا الرد فرعٌ من فروع قاعدة سد الذرائع وداخلة في عموم قوله ﷺ: « رحم الله امرأ حمى عرضه »، فهذه المعلمة لم تقبل هذه الهدية؛ لأنها تتوقع أن تكون وسيلة من وسائل التغيير. ومن جهة حماية العرض فهي لا تقبل هذه الهدية؛ لأنها لا تريد أن يتكلم عنها أحد لا في داخل ولا خارج المدرسة. جزاها الله خيراً على ردها هذه الهدية وعندما يحصل هذا الرد ونظائره كذلك لا ينبغي لمن قدم هذه الهدية أن يتأثر في نفسه؛ بل عليه أن يقبل هذا الرد وألاّ يعود إليه مرة أخرى. وإذا أراد أن ينفع أحداً من ماله، أو ينفع أحداً من جاهه، أو ينفع أحداً بلسانه؛ فعليه أن يتصل بالأشخاص الذين لا تربطه بهم علاقة علمية كالفقراء والمساكين، يهدي على فقير لا يجد ما يأكل، لا يجد ما يكتسبه، لا يجد ما يدفعه أجرة لبيته فيتصدق على هؤلاء ويهدي إليهم؛ وهكذا بالنظر لجاهه ولقوله.

        وبالنسبة لحديث « تهادوا تحابوا »:

        هذا مبنيٌ على أن الهدية إذا كانت مبنيةً على أسبابٍ شرعية؛ أما إذا كانت مبنيةً على أسبابٍ غير شرعيةٍ كما سبق الكلام عليه؛ فإنها لا تكون داخلة في هذا الحديث. وبالله التوفيق.