فتاة عقد لها والدها رغماً عنها، وحاولت الخلاص بالسحر
- المصالح والمفاسد
- 2021-07-11
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5745) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: من عقد لها والدها وهي لا تريد الزواج فقامت بالسر عن أبيها تريد الخلاص من زوجها فاستعانت بواحدة لكي تساعدها؛ فأشارت عليها بأن تعمل عمل سحر، فحاولت ولكنها فشلت المحاولة، فهل السحر صحيح على ما يقولون؟ وهل عملها هذا فيه إثم؟ لأنها ندمت على ما حصل منها وذلك لجهلها بالعاقبة والذنب، وهل إذا تابت توبة نصوحاً هل تقبل توبتها؟
الجواب:
يقول الرسول ﷺ: « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير »، ووالد البنت هو ولي أمرها ويعرف من أخلاق الرجال ما لا تعرفه المرأة، وليس فيه أحدٌ أنصح من الأب لابنته، وحينما اختار لها هذا الزوج يكون قد اختاره عن قناعةٍ منه بصلاحيته ليكون شريكاً لابنته في حياتها. والبنت حينما عارضت والدها هي لم تذكر في السؤال ما المبررات التي جعلتها لا تقتنع بهذا الزوج، فإذا كان هناك مبرراتٌ شرعيةٌ تدل على عدم صلاحية هذا الزوج لها ككونه -مثلاً- لا يصلي، أو يفعل أموراً محرمة، أو مشهورٌ بالأخلاق السيئة وسوء المعاملة فيما بينه وبين أسرته وفيما بينه وبين الناس؛ تكون البنت محقة في هذه المعارضة.
ومن جهة ثالثة: البنت حينما سلكت مسلكاً محرماً وذلك أنها تريد أن تستعمل مانعاً يحول بينها وبين الاستمرار مع زوجها وذلك باستخدام السحر، فهذا المانع لا يجوز للمرأة أن تعمله. ومن فضل الله وإحسانه أنه لم يتحقق لها ما قصدت. وهي نوت نيةً سيئة وبذلت محاولاتٍ لتحقيق المانع الذي نوته بنيتها السيئة؛ ولكن لم يحصل ما قصدته؛ فهي آثمةٌ في قصدها، وآثمةٌ في بذل الوسائل التي عملتها، وعليها أن تتوب إلى -جلّ وعلا-. والله -تعالى- يقول: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"[1].
ومما يحسن التنبيه عليه -هنا- أن كثيراً من الناس من الرجال والنساء يقدمون على أسباب لا تكون مشروعة ولا يفكرون في عواقبها؛ سواء كانت دنيوية -فقط- أو أخروية، أو كانت العواقب دنيوية وأخروية. والمفروض على الشخص أن يتجنب جميع الأسباب التي ليست بمشروعة؛ لأن القاعدة التي تؤخذ من أدلة الكتاب وأدلة السنة أن الأسباب غير المشروعة ما منعها الله -جلّ وعلا- إلا بما يترتب على حصولها من مفاسد دنيوية، أو أخروية، أو دنيوية وأخروية؛ وهكذا بالنظر للأسباب المشروعة تترتب عليها مصالح دنيوية وأخروية، أو دنيوية فقط، أو أخروية فقط بحسب اختلاف الأسباب، وبما أن الأسباب غير المشروعة يترتب على مباشرتها مفاسد، وأن الأسباب المشروعة يترتب على مباشرتها مصالح؛ فكذلك ترك الأسباب المشروعة دون عذرٍ شرعي يترتب عليه مفاسد، وترك الأسباب التي نهى الشارع عنها يكون في تركها مصالح.
فعلى الشخص أن يتنبه لما يترتب على الأسباب المشروعة من مصالح، وترك الأسباب غير المشروعة من المصالح، وما يترتب على فعل الأسباب غير المشروعة، وترك الأسباب المشروعة لغير عذرٍ من المفاسد؛ لأن هذه المفاسد قد تكون قاصرةً عليه، وقد تكون متعديةً إلى غيره، وقد تكون -أيضاً- قاصرة عليه من جهةٍ ومتعديةً إلى غيره من جهةٍ أخرى بحسب اختلاف المواقع. أنا نبهت على هذا؛ لأن السائلة سألت عن استخدام السحر كمانعٍ من الموانع التي تم منعها، وهو مانعٌ من وجهٍ، وسببٌ من وجهٍ آخر، وهو أنها تريد الخلاص من زوجها. وبالله التوفيق.