معنى حديث « صنفان من أهل النار لم أرهما » وذكر منهما: « نساء كاسيات عاريات مائلات مُميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة » ونصيحة للنساء اللواتي يكشفن وجوههن وأيديهن ويخرجن في الأسواق
- شرح الأحاديث
- 2022-03-06
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11970) من المرسل أ. ع. ع من السعودية يسأل: ما معنى حديث رسول الله ﷺ: « صنفان من أهل النار لم أرهما » وذكر منهما: « نساء كاسيات عاريات مائلات مُميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا » رواه مسلم، آمل التكرم بشرح الحديث. وما نصيحتكم للنساء اللواتي يكشفن وجوههن وأيديهن ويخرجن في الأسواق بهذا الحال وما يحصل من فتنة المسلمين بسبب هذا الصنف؟
الجواب:
الله -سبحانه وتعالى- خلق آدم قال -تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[1]، والله -سبحانه وتعالى- جعل للرجال خصائص، وجعل للنساء خصائص. من خصائص الرجال أن الله جعل قوة الرجل في عقله، وجعله هو المسؤول عن المرأة، وليست هي المسؤولة عنه إلا في الأمور التي من حقوقه عليها؛ ولهذا قال -جل وعلا-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[2]، وقال -جل وعلا-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}[3]. وخلق النساء وجعل قوة المرأة في عاطفتها. أما بالنظر إلى عقلها بجانب عقل الرجل فإنه يختلف، فمن أجل ذلك نجد أن -سبحانه وتعالى- جعل الطلاق بيد الرجل، وجعل النفقة ومسؤولية المرأة على الرجل، ولهذا لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه، وإذا كانت لم تتزوج فلا يجوز لها أن تخرج من بيتها إلا بإذن ولي أمرها سواء كان والدها أو أخوها؛ المهم أنه هو الولي الشرعي. وإذا خرجت من البيت فإنها تخرج متحشمة؛ بمعنى: إنها تستر جميع بدنها، ولا تتعطر، ولا تتعرض لمواقف الرجال، ولا تذهب إلى مواضع الريبة؛ وإنما تذهب لحاجتها الخاصة وتجلس في بيتها {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}[4]. وأوجب الله -سبحانه وتعالى- على المرأة الحجاب وهو ستر الوجه؛ بالإضافة إلى سائر بدنها وذلك من أجل إكرامها. ومن أجل كرامتها فإن الله تعالى قال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}[5]. ومن وجوه تكريمه للمرأة أنه أمرها بالتستر من الرجال، ومن ذلك ستر وجهها وذلك من أجل المحافظة على عرضها؛ هذا بالنظر إلى الجانب الشرعي. والجانب الشرعي لا يكون مفيدًا إلا إذا طُبق على الوجه الذي أراده الله -سبحانه وتعالى- وأراده الرسول ﷺ مما جاء في كتاب الله ومما جاء في سنة رسول الله ﷺ. أما كون التشريع يكون موجودًا ويكون نظريًا ولكن الذين يتجه إليهم هذا التشريع لا يعبؤون به فهذا لا شك أنه عدم عمل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ. وهذا الكلام كما أنه موجهً إلى المرأة فهو موجهً إلى ولي أمرها؛ لأن الله -تعالى- قال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[6]، وقال ﷺ: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها... » الحديث.
وإذا نظرنا إلى التطبيق الموجود الآن وجدنا أن التطبيق في كثير من أحوال النساء -مما يؤسف له- أنه مخالف لما جاء في كتاب الله وما جاء في سنة الرسول ﷺ، فالمرأة الآن تُريد أن تتطاول وتطلب المساواة مع الرجل في جميع الأمور. وإذا نظرنا إلى هذه الشريعة وجدنا أن الله خصّ الرجال بأمور، وخصّ النساء بأمور، وفيه أمور مشتركة بينهما. والمرأة الآن تُطالب بأن تساوي الرجل في حقوقه الخاصة به، وفيه من أولياء أمور النساء من يُحبذ ذلك. وفيه من الأشخاص الذين تقع عليهم مسؤولية -سواء كانت هذه المسؤولية مسؤولية عينية، أو كانت مسؤولية اعتبارية- يُنادون إلى هذا الأمر، ففيه من يدعو إلى اختلاط النساء بالرجال دون مبرر شرعي.
وإذا نظرنا إلى هذه المسألة وجدنا أن الرسول ﷺ منع اختلاط النساء بالرجال في أداء ركن من أركان الإسلام، فجعل صفوف الرجال متقدمة، وجعل صفوف النساء متأخرة؛ وهكذا في كثير من الأمور لا يجعل المرأة تختلط مع الرجال، فقد دلت أدلة كثيرة من القرآن وأدلة كثيرة من السنة من ناحية السنة القولية ومن السنة العملية التي طُبقت في عهد الرسول ﷺ وعهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وطُبقت في القرن الأول والقرن الثاني والثالث؛ يعني: حصل عليها دلالة من الكتاب، ودلالة من السنة، ودلالة من الإجماع بوجوب تغطية الوجه، ولهذا نجد أن المرأة لا تُغطي وجهها إذا كانت تُصلي إلا إذا كانت ترى الرجال الأجانب أو يرونها، فوجهها بالنظر في حالة الإحرام كرأس الرجل؛ لأن الرجل واجب عليه أن يكشف رأسه وهي واجبة عليها أن تكشف وجهها، ولهذا لو غطت وهي لا ترى الرجال ولا يرونها فإنها تكون عليها الفدية. وإذا نظرنا إلى المرأة من جانب آخر وهو من جانب الملابس التي تلبسها وجدنا أن كثيراً من النساء تحرصُ على أنها تفتن الرجال في نفسها لا من ناحية مشيتها، ولا من ناحية ملابسها، ولا من ناحية تناولها شيئاً من الأطياب حينما تخرج إلى الأسواق وتتعرض كثيرًا إلى الأمكنة التي فيها الرجال، فالواجب على المرأة أنها تخاف الله -سبحانه وتعالى- ولتعلم أن حياتها محددة، وأنها مسؤولة أمام الله -جل وعلا- عن جميع ما يحصل منها من مخالفات؛ سواء كانت هذه المخالفات في ترك واجب عليها، أو في فعل محرم عليها؛ وكذلك ولي أمرها مسؤول عنها يوم القيامة كما تقدم قبل قليل: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»؛ وكذلك الشخص الذي يملك التنفيذ في أي مكان من الأمكنة كل شخص يملك التنفيذ؛ يعني: يملك المنع؛ فإنه -أيضًا- مسؤول أمام الله عما استرعاه الله -جل وعلا-: «ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»، وقال ﷺ: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه»، فمن يملك التنفيذ عليه مسؤولية التغيير باليد، ومن لا يملك التنفيذ عليه مسؤولية البيان، ومن لم يتمكن من البيان فإنه يبغضه في قلبه، والله -جل وعلا- قال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[7].
أما الحديث فإن قاعدة الشريعة هي ترتيب المسببات على أسبابها؛ يعني: ترتيب النتائج على ما يصدر من الشخص من الأقوال ومن الأفعال؛ وكذلك عندما يكُف عن أمر أوجب الله عليه أن يفعله. وما ذُكر في هذا الحديث فيه تنبيه على العقوبات المترتبة على المرأة حينما تُحصل منها مخالفة من المخالفات؛ سواء كان ذلك فيما يتعلق بلباسها، أو فيما يتعلق بمشطة رأسها، أو فيما يتعلق بأنها تفتن الرجال في مشيتها؛ فهذه كلها أمور لا شك أنها مُحرمة فالرسول ﷺ رتب عليها هذا الوعيد. وبالله التوفيق.