Loader
منذ سنتين

هل أخبار الآحاد لا تفيد القطع؟


  • فتاوى
  • 2022-03-03
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (11680) من المرسل السابق، يقول: أخبار الآحاد قرأت بأنها لا تفيد القطع، أليس هذا مخالفاً لكلام أهل السنة؟

الجواب:

النظر في خبر الآحاد من جهتين:

أما الجهة الأولى: النظر إليه من جهة من الناحية الكلية.

والجهة الثانية: النظر إليه باعتباره فرداً من أفرادها حينما يُراد الاستدلال به.

أما النظر الأول أو الجهة الأولى: فلا شك أن خبر الآحاد حجة وأصل من الأصول المعتمدة، وقد تكلم الإمام الشافعي -رحمه الله- في كتابه (الرسالة) على هذه المسألة؛ وبخاصة ما يتعلق بالناحية الكلية.

وأما الجهة الثانية: فهي النظر إلى الآحاد من جهة فردٍ من أفرادها من ناحية الاعتماد عليه للاستدلال. والذين يتكلمون في خبر الآحاد كثير، منهم من لا يدقق في كلامه، فترى بعضهم يقول: خبر الآحاد ليس بحجة، وهذا الكلام ليس بصحيح. خبر الآحاد يعترض عليه وصف الظن من جهة ثبوته، هذا هو المرجع لكلام الذين يقولون: إن خبر الآحاد ليس بحجة.

وإذا نظرنا إلى الظن وكونه يُعارض بعض أدلة التشريع، ويعارض -أيضاً- تصرفات الآدميين، فإننا نجد أن الدليل إذا كان نصاً فإن بقاءه مظنون لاحتمال وجود ناسخٍ له بالكلية أو لجزء من أجزائه. وإذا نظرنا إلى الدليل العام وجدنا أن بقاء العموم ظنياً لاحتمال وجود مخصص له. ومعلوم أن مخصصات العموم المنفصلة كثيرة، وليس هذا البرنامج موضعاً للكلام عليها ولكن مجرد تنبيه. وإذا نظرنا إلى الدليل المطلق وجدنا أن بقاءه مطلق ظنيًا لاحتمال وجود مقيد له على سبيل الانفصال. وإذا نظرنا إلى الدليل الظاهر وجدنا أنه يحتمل التأويل، وأن هذا التأويل وهو صرفه عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح يكون فيه دليل يدل على أن المراد هو المعنى المرجوح وليس المعنى الراجح. وفي تصرفات الآدميين نجد أن الإمام يتقدم في الناس للصلاة والناس يبنون على الظاهر من جهة أنه متطهر؛ ولكنهم لا يقطعون بذلك؛ وكذلك الإنسان عندما يقرّ فإن إقراره محتمل لكونه كاذبًا، وهكذا بالنظر لشهادة الشهود وما إلى ذلك.

فالغرض هو أن وصف الظنية من جهة خبر الآحاد من ناحية طريقه باعتباره مفردًا هذا لا يجوز أن يكون محلاً لرد خبر الآحاد. وكما ذكرت قبل قليل من أراد أن يتوسع في ذلك فعليه الرجوع إلى رسالة الشافعي -رحمه الله- فقد تكلم عليها، وذكر جملة من أمثلة أخبار الآحاد. وبالله التوفيق.