حكم قطع أحد الأقارب اتقاء لشره
- فتاوى
- 2021-06-15
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (205) من المرسل السابق، يقول: إحدى خالاتي دائماً تشتمنا عند الناس والأقارب وتقلل من شأننا، ونصحناها ولم يفد، وتصر على ذلك حتى عندما نسلم عليها تتهجم علينا تهجماً غير مباشر، فهل نقاطعها ونسلم من لسانها أم ماذا نفعل؟
الجواب:
قد يكون هذا الذي يصدر منها له سبب من قبلكم؛ يعني إما أن يكون لها حق من الحقوق الشرعية عندكم ويكون هذا السبب هو الذي أثارها وجعلها تتكلم بهذا الكلام، أو أنه ينمى إليها عنكم أمور قد لا تكون صحيحة؛ يعني إنكم مثلاً تتكلمون فيها أو تسبونها أو غير ذلك من الأشياء التي تصدر ومن شأنها أن تكون مؤثرة.
وإذا لم يصدر منكم أي شيء من الأمور التي تؤثر عليها فيكون عملها هذا من باب الاعتداء عليكم، وهي عندما تتكلم سواء على الأول أو سواء على الثاني؛ يعني إذا تكلمت مقابل كلامكم فيها مثلاً، أو أنها تتكلم عليكم بالنظر إلى أن لديكم حقوقاً إذا تكلمت، فابحثوا عن السبب وأزيلوا السبب وبعد ذلك هي تسكت.
أما إذا لم يصدر منكم شيء أصلاً، فحينئذٍ تكون قد اعتدت عليكم، والله -جل وعلا- حرم الاعتداء، ولكن الإنسان المعتدى عليه له مواقف:
الموقف الأول: أن يأخذ مقدار حقه فقط، لا يزيد ولاينقص، وفي هذا يقول الله -جل وعلا-: "وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ"[1] إذا أخذ حقه فليس عليه شيء.
الموقف الثاني: أن يعتدي، بمعنى أن يزيد على حقه، ولهذا يقول الله
-جل وعلا-: "وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"[2].
الموقف الثالث: أن يتحمل الأذى، ولا شك أن هذا مقام عظيم، والإحسان قد يكون بطريق التحمل، وقد يكون أيضاً بمقابلة الإساءة بإحسان عملي أو بإحسان قولي، جاء رجل إلى الإمام أحمد، فقال له: كيف أسلمُ من الناس؟ قال: أحسن إليهم ولا تطلب منهم أن يحسنوا إليك، وتحمل إساءتهم ولا تسئ إليهم.
والحاصل من هذا الكلام كله: أنكم ترجعون إلى أنفسكم، وتبحثون، هل يوجد سبب أثارها عليكم؟ فإذا كان كذلك فيجب عليكم إزالة السبب حتى تنتهي عما هي عليه.
وإذا لم يكن هنالك سبب أصلا، فحينئذ عليكم أن تتحملوا ما يأتيكم منها، ويكون لكم في ذلك الأجر العظيم من الله، وعليكم أيضا أن تنبهوا أحدا يسدي لها النصح والكف عن هذا الشيء؛ خشية من وقوع الإثم عليها، وبالله التوفيق.
المذيع: هذه المرأة خالة للسائل، فلا أدري أشرتم فضيلة الشيخ إلى مقامات الذي ينتصر أو يقابل الإساءة بمقامات ثلاثة، فلا أدري وضع الخالة هنا ووضع الأرحام في مثل هذا الموقف.
الشيخ: على كل حال وضع الإنسان مع محارمه في هذا الأمر قد يكون أشد؛ لأن هذه المقامات إذا كانت عامة في الناس، فهي مع القريب الذي حصل منه الأذى تكون أشد ترغيباً؛ يعني قد يكون أشد بالنظر إلى ما يترتب عليه من صلة الرحم واستمرارها، بدلا من حصول القطيعة بسبب ما يحصل ويكون فيه إساءة، وبالله التوفيق.
المذيع: إذاً لا يجوز للسائل أن يقاطع خالته، حتى وإن استمرت في أذيته؛ لأنه سأل فقال: هل نقاطعها لنسلم من لسانها؟
الشيخ: ذكرت المواقف الثلاثة، وذكرت في نهاية الكلام أنهم يبحثون عن السبب، فإذا كان هناك سبب منهم، فعليهم أن يزيلوا السبب؛ حتى تكف عن الكلام.
وإذا لم يكن هنالك سبب، فإنهم يتحملون ما يأتيهم منها، وكذلك ينبّهون أحداً يسدي لها النصح؛ لتكف ويستمرون على الاتصال بها، وبالله التوفيق.