Loader
منذ سنتين

حلفت على ألا أمر على بيت عمي وبعد سنة مررت عليه لسبب


الفتوى رقم (7965) من مرسل من المغرب، يقول: في يوم من الأيام أغضبتني أمي في موضوع السفر إلى الدار البيضاء بهدف زيارة عمي، فحلفتُ بأني لن أذهب إلى هناك، ومرت سنة على ذلك وشاء الله أن أمر على منزل عمي وأنا في طريقي إلى مدينة تارودانت، وهي مدينة أخرى قصدتُها لزيارة أختي، وهذا المرور لا بد منه بهدف أخذ أخي من هناك. سؤالي في هذا الصدد: هل عليّ شيء في الحنث في يميني؟

الجواب:

        إذا كنت مررتَ على عمك وسلمت عليه وحصل الغرض فإنك تكفر كفارة يمين، وإذا كان قصدك ألا تذهب إلى تلك الجهة مطلقاً؛ يعني ألا تذهب إلى بيت عمك بأي وجهٍ من الوجوه، سواءٌ وجدته أو لم تجده، وسلمت عليه أم لم تسلم عليه، فالعبرة بنيّتك، ولكن الذي أنصحك به أن تكفر كفارة يمين براءةً لذمتك. وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبةٍ، فإن لم تجد فإنك تصوم ثلاثة أيام.

        والإطعام عبارة عن كيلو ونصف لكل مسكين؛ يعني خمسة أصْوُع من البر أو من الأرز أو من التمر، وبالله التوفيق.

        المذيع: هل من توجيه لهذا المستمع ولأمثاله ممن يقعون في الغضب من الأمهات بضرورة الصبر والاحتساب أحسن الله إليكم؟

        الشيخ: هذه المسألة لها طرفان:

        الطرف الأول: من جهة الابن.

         والطرف الثاني: من جهة الأب أو الأم.

         فأما من جهة الأب: فلا يجوز له أن يسلك مع ولده مسلكَ الإفراط ولا مسلكَ التفريط؛ فلا يأمره بمعصية ولا يمنعه من طاعة، ولا يُكلفه بما يشق عليه مشقةً خارجةً عن المعتاد.

        وهكذا أمه؛ فتعامُل الأم مع الابن ينبغي أن يكون كتعامل الأب مع الابن على ما وُصف؛ فلا تسلك معه مسلك الإفراط ولا مسلك التفريط؛ بألا تمنعه من واجب ولا تحمله على فعل معصية، ولا تكلفه ما يشق عليه مشقةً خارجةً عن المعتاد. ومنعها إياه عن عمه لم يذكر له في السؤال مبرر شرعي يسوغ لها ذلك، ولو فرضنا أن في نفسها كراهية لذلك العم فالكراهية هنا أكثر ما تكون بين الناس كراهيةً نفسيةً ليس لها مبرر شرعي.

        وبتوسع؛ نجد أن المرأة تمنع بنتها، ونجد أن الأخت تمنع أختها، ونجد أن الأخ يمنع أخاه، وهكذا، فبعضهم يمنع بعضاً، ولكن مما يؤسَف له أن المبرر أمرٌ نفسي وليس شرعيّاً، هذا بالنظر إلى الأم والأب.

        أما الابن: فالواجب عليه أن يراعي أباه من جهة، وأن يراعيَ أمه من جهةٍ أخرى، فإذا أمره والده بطاعة أو نهاه عن معصية، فعليه أن يمتثل بالحالة الأولى، يُقدم ويفعل، وفي الحالة الثانية يمتنع عن ذلك الأمر، وهكذا بالنظر إلى أمه إذا أمرته بطاعة أو نهته عن معصية، فإنه يمتثل الأمر ويجتنب النهي.

        لكن لو حصل العكس فأمره الأب أو الأم بمعصية، أو نهاه والده عن طاعة أو أمه، ففي هذه الحال: لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق، وعلى الولد أن يمتثل لقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)}[1]، وقوله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[2]، وبالله التوفيق.



[1] الآيات (23 - 24) من سورة الإسراء.

[2] من الآية (15) من سورة لقمان.