Loader
منذ 3 سنوات

توجيه للمقصرين في الواجبات الدينية


  • فتاوى
  • 2021-09-23
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1744) من مستمع لم يذكر اسمه، يقول:  أولاً: إن معظم أعمالنا الدينية من البدع التي ليس عليها دليل من كتاب الله، أو سنة الرسول ﷺ ، وهذا الحكم خرجت به من خلال متابعتي لهذا البرنامج.

 ثانياً: إن غالبية أفراد مجتمعنا وخاصة الشباب هم مرتدّون عن الإسلام وكفّار، بدليل أنهم لا يؤدّون الصلاة؛ بل لا يكتفون بذلك؛ فهم يستهزئون بالإنسان المتمسّك بدينه، ويبذلون قصارى جهدهم لإبعاده عن دينه، ونشر الفساد بين أفراد المجتمع. لقد علمت من برنامجكم أنه يجب على المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأن يصلي مع الجماعة، وكثير من الواجبات التي ليس بمقدوري فعلها، والسبب ما ذكرت لكم من حال مجتمعنا، وإنني أشعر بتأنيب الضمير بسبب تقصيري تجاه واجباتي الدينية؛ لذا أرجو من فضيلتكم إرشادي، وأسأل ربي خالصاً من قلبي أن يوفقني والمسلمين لأداء ما يجب علينا من أمور ديننا على أكمل وجه.

الجواب:

إرشادك يتبين بالأمور الآتية:

        الأمر الأول: العناية بكتاب الله -جلّ وعلا-: تعلّماً، وتعليماً، وتدبراً، وعملاً؛ والاستعانة بما يساعدك على فهمه.

الأمر الثاني: العناية بسنة رسول الله ﷺ فيما يتعلق بك حسب الأمور التي كُلِّفت بها؛ لأن من الأمور التي توجد في المجتمع بالنسبة للذين يقرؤون أن الشخص لا يفكر فيما يقرؤه من جهة عود النفع له عاجلاً وآجلاً، ولا يوازن بين الكتب التي يريد أن يقرأ شيئاً منها من ناحية تفاضل بعضها على بعض، فتجد شخصاً يترك القراءة في كتب التوحيد؛ مع أنه يقرأ قصص البسمارك، أو يقرأ -مثلاً -كليلة ودمنة، أو يقرأ كتاب ألف ليلة وليلة؛ وهذه الكتب بالنسبة لمن يقرؤها لا يفكر في النتائج التي سيتوصل إليها منها، ولا يوازن بين هذه النتائج وبين النتائج التي يتوصل إليها إذا قرأ في الكتب التي هي أنفع له منها عاجلاً وآجلاً.

 وأنا نبّهت على هذه الناحية؛ لأن القراءة فن لا من ناحية اختيار الكتاب، ولا من جهة مكان القراءة، ولا من ناحية وقت القراءة، ولا من جهة كيفية القراءة؛ فكثير من الذين يقرؤون لا يهتمون بجميع هذه الجوانب؛ وإنما يهتم بالكتاب الذي يحلو له تلك اللحظة، ولا يفكر في نتائجه؛ فالمقصود أن هذا السائل وكذلك المستمعون ينبغي أن يتخير الإنسان من الكتب ما يعود عليه بالنفع.

 الأمر الثالث: على هذا الشخص المسترشد أن يقويّ علاقته بالله -جلَّ وعلا-، فإن تقوية العلاقة بالله -جلَّ وعلا- تقرّبه من الله -جلّ وعلا- وتقرّبه من الخير ومن أهله، وتبعده عن الشر وعن أهله، وتقوية العلاقة بالله تكون بأداء فرائضه، وتكون -أيضاً- بفعل ما سنّه من الصلوات الأخرى، وما سنّه رسوله ﷺ فيحرص المسلم على التقرب إلى الله -جلّ وعلا- بما شرعه من الأقوال ومن الأفعال على حسب استطاعته.

الأمر الرابع: إن هذا الشخص ينبغي له أن يختار من الأشخاص من يعينه على الخير؛ فإن الجليس الصالح كبائع المسك إما أن يحذيك، وإما أن تشتري منه، وإما أن تجد منه رائحة طيبة؛ فالجليس الصالح لا يخلو من النفع الذي ينسحب منه إليك، ويقول الرسول -صلوات الله وسلامه عليه-: « المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»، وعليك بالأشخاص الذين يتقرّبون إلى الله -جل وعلا- بفرائضه وبسننه يتقربون إلى الله بما شرعه لهم.

الأمر الخامس: عليك أن تبتعد عن قرناء السوء، الذين يبعدونك عن الخير، ويقرّبونك إلى الشر ويحسّنونه؛ لأن كثيراً من الشباب -ومع الأسف - يجرُّ بعضهم بعضاً بتحسين القبيح وتقبيح الحسن، فتجد الشاب صالحاً، يقترن بقرناء السوء، ثم بعد ذلك يتحوّل من كونه مصليَّا وصائماً، ومتقرباً إلى الله -جلَّ وعلا - بقراءة القرآن، وبغير ذلك من العبادات، يتنّكر ويتحوّل إلى أن يكون عاصياً لله جلَّ وعلا بعيداً عنه، بعيداً عن أهل الخير، قريباً من أهل الشر، وهذا بتأثير قرناء السوء.

        يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه « لا يزال الصالح صالحا حتى يخالط فاسداً، فإذا خالط فاسداً أفسده »

 الأمر السادس: إذا توفرت فيك هذه الأمور، فبإمكانك أن تأمر بالمعروف وأن تنهى عن المنكر؛ ولكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: التغيير باليد، والدرجة الثانية: التغيير باللسان، والدرجة الثالثة: التغيير بالقلب؛ وذلك لأن الناس ثلاثة أصناف:

        الصنف الأول: الذين يستطيعون التغيير بأيديهم، وهؤلاء هم أهل التنفيذ؛ كلٌ بحسَبِه.

الصنف الثاني: من يستطيعون التغيير بالبيان، وهؤلاء هم أهل العلم، الذين يعرفون الحلال والحرام، ويعرفون كيف يبيّنون للناس الحلال والحرام.

الصنف الثالث: لا يستطيعون أن يغيروا بأيديهم، ولا يستطيعون أن يغيّروا بألسنتهم لأسباب ما؛ ولكن هؤلاء عليهم أن يغيّروا بقلوبهم؛ بمعنى: إنهم يُبغِضون المنكر ويُبغِضون فاعله.

        فعليك أن تتنبه إلى هذه الدرجات، وأن تضع نفسك في الدرجة التي تناسبك.

        وقولي في بداية الأمر السادس (إذا توفرت هذه الأمور): أنا لا أريد من ذلك أن الشخص يتوقف عن الأمر بالمعروف وعن النهي عن المنكر حتى تتوفر فيه هذه الأمور؛ ولكنني قصدت أن هذه الأمور الخمسة إذا توفرت في الشخص، فبإمكانه أن يكون على بصيرة تامة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كلّ أحد؛ كلٌ بحسَبِه على حدِّ قوله ﷺ:« كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ».

        والأمر السابع: إن هذا الشخص السائل حينما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ سيناله أذى من الناس. وبالله التوفيق.