هل الكلام فيما لا فائدة فيه وفيما لا يعني يأثم صاحبه به؟
- فتاوى
- 2022-03-01
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11580) من المرسل السابق، يقول: هل الكلام فيما لا فائدة فيه وفيما لا يعني يأثم صاحبه به لحديث: « إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويكره لكم ثلاثاً ». وذكر: « أنه يكره لنا قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال »[1]. ولحديث: « لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب »[2]، أو كما جاء في الأحاديث. ولحديث: « إن أبعد الناس منزلة من الرسول ﷺ الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون »[3]؟
الجواب:
اللسان جارحة من الجوارح، وهذه الجارحة يمكن للشخص أن يستعملها في الواجبات، ويستعملها في المحرمات، ويستعملها في المكروهات، وفي المندوبات، وفي المباحات؛ يعني: إن الكلام الذي يقوله الإنسان تجري عليه الأحكام التكليفية الخمسة. ومعاذ -رضي الله عنه- سأل الرسول ﷺ فقال: « يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال رسول الله ﷺ: « ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على رؤوسهم إلا حصائد ألسنتهم ».
والشخص قبل أن يتكلم ينظر في هذا الكلام، هل سيؤجر عليه؟ أو أنه سيأثم؟ أو أنه ليس فيه إثم وليس فيه أجر وإنما هو مضيعة للوقت؟ وخير للشخص أن يأخذ بوصية الرسول ﷺ حيث سأله سائل فقال: « أوصني، قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله ». وموسى -عليه السلام- سأل ربه أن يدله على كلام فيه فضل، فقال: « يا موسى، قل: لا إله إلا الله. قال: يا رب، كل عبادك يقولون: لا إله إلا الله. قال: يا موسى، لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة لمالت بهم لا إله إلا الله ». والإنسان على حسب ما يعود نفسه. وثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: « كلمتان خفيفتان في اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ». ومر الرسول ﷺ على امرأة كانت تسبّح وتعد تسبيحها بالحصى فكلما سبحت تسبيحة أخذت حصاة من جهة ووضعتها في جهة، ولما قضى حاجته رجع إليها ووجدها على هذه الحال، فقال لها: لازلت على الحالة التي كنت عليها؟ قالت: نعم، قال: ألا أدلك على خير من هذا؟ قالت: بلى يا رسول الله، قال: قولي سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، والحمد لله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، ولا إله إلا الله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته والله أكبر. عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
والشخص عندما يجعل له حزباً من القرآن، والقرآن يشتمل على ما يزيد عن ثلاثمائة ألف حرف، والحسنة بعشر أمثالها، فإذا جعل له ورداً يقرؤه -سواء قرأه في الليل أو قرأه في النهار- الجزء عشرة الآف حرف وزيادة، والحسنة بعشر أمثالها، فعندما يقرأ جزءاً يحصل على مائة ألف حسنة.
الغرض من هذا كله: أن الشخص يجعل له منهج يومي يستغل به الوقت، يؤدي الواجبات وهذا أمر مفروغ منه، ويحرص على فعل الطاعات؛ أما كون الإنسان يكون طِلقاً بحيث إنه لا يفرق بين ما يقوله من حرام وحلال أو ما إلى ذلك؛ مثل: الإنسان يتكلم بكلام يكون فيه كذب، أو يتكلم بغيبة أو بنميمة، أو يشهد شهادة زور، يستعمل أشياء كثيرة من آفات كثيرة من آفات اللسان مكتوبة في الكتب التي تطرقت إلى هذا الموضوع.
فلابد أن ينتبه إلى الوظيفة التي يشغل اللسان من أجلها فإذا كانت الوظيفة يؤجر عليها يشغلها، وإن كانت الوظيفة يأثم بها، فإنه يتركها. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب ما ينهى عن إضاعة المال(3/120)، رقم(2408)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة(3/1341)، رقم(593).
[3] أخرجه أحمد في مسنده(29/267)، رقم(17732)، والترمذي في سننه، أبواب البر والصلة، باب ما جاء في معالي الأخلاق (4/370)، رقم(2018).