Loader
منذ سنتين

حكم طاعة الوالدين في السعي بطلب الرزق وعدم شغل الوقت بطلب العلم


  • فتاوى
  • 2021-12-22
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (4466) من المرسل السابق، يقول: ما قولكم في شاب يرغب في طلب العلم، وحفظ كتاب الله ومجالسة العلماء، ولكن والديه أمروه ألاّ يقضي وقته كله في العلم، بل يعمل النهار لطلب الرزق والليل لطلب العلم، هل يطيع الوالدين، أم ماذا يفعل مع أن الوالدين لا يحتاجان إلى من يعينهما بالمال إلا القليل، وهو في بلد وهما في بلد آخر؟

الجواب:

        الزمان الذي يمر على الشخص، ويعيش فيه الشخص هذا الزمان ظرف، وهذا الشخص مطلوب منه أن يضع في هذا الظرف ما هو مأمور به ومنهي عن أن يوقع في هذا الظرف ما هو محرم عليه.

        فعلى سبيل المثال هو مأمور بالواجبات من الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والعمرة، وغير ذلك من الواجبات، ومأمور أيضاً بالمندوبات، الأمور المسنونة يوقعها في أوقاتها إذا كانت مقيدة، أو يوقعها في الأوقات، إذا كانت مطلقة؛ كتلاوة القرآن مثلاً فإنه يتلوه بالليل أو بالنهار.

ومن جهة طلب العلم، فالشخص مأمور بطلب العلم منذ أن يبدأ في سن التمييز، ولهذا يقول الرسول ﷺ « مرو ابنائكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع ».

        والشخص إذا كان عنده اتجاه لطلب العلم، يريد أن يقرأ القرآن، يريد أن يتعلم تفسير القرآن، يريد أن يتعلم علوم القرآن، يريد أن يتعلم السنة، يريد أن يتعلم علوم الحديث المتعلقة بعلم الرجال من جهة الأسانيد ومن جهة أعيان الرجال من جرح وتعديل، يريد أن يتعلم مصطلح الحديث المتعلق بمتن الحديث، يريد أن يتعلم الفقه الأكبر الذي هو علم العقائد المستنبط من القرآن ومن السنة؛ لأن القرآن يفسر بعضه بعضاً والسنة يفسر بعضها بعضاً وهي مفسرة للقرآن، وعلم العقائد مما استنبط من القرآن والسنة، يريد أن يتعلم الفقه وهو مستنبط أيضاً من القرآن والسنة، يريد أن يتعلم الوسائل التي تساعده على الاستنباط من القرآن والسنة؛ كعلم اللغة من جهة مفردات اللغة معنى، وتصريفاً، واشتقاقا، ومن جهة تركيب اللغة، وهذا يشمل علم البلاغة، ويشمل علم النحو يريد أن يتعلم أصول الفقه؛ لأنه من مفاتيح الاستنباط من القرآن ومن السنة.

        فالشخص عندما يكون عنده اتجاه بدراسة هذه العلوم، وييسر الله له من يدرّسه هذه العلوم، وييسر له الكتب التي يدرسها على هؤلاء العلماء، لا شك أن الشخص الذي يريد أن يتدخل في منع هذا الشخص عن سلوك هذا الطريق، لا شك أنه لا يعرف قدر العلم من جهة، ولا يعرف قدر تربية الأولاد من جهة ثانية، ولا يعلم أيضاً مقدار المسؤولية الملقاة على عاتقه.

        فإن الفرد من أولاده فرد من أفراد رعيته هو والرسول ﷺ قال: « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته » فبدأ من الإمام وانتهى بالعبد، ومما ذكره الزوجة: « راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والرجل راع ومسؤول عن رعيته » ومن رعيته أولاده استرعاه الله عليهم، فواجب عليه أن يوجههم التوجيه السليم، وإذا رأى من أحد منهم نجابة؛ لأنهم يتفاوتون في الذكاء، ويتفاوتون في الرغبة، فإذا رأى منهم من تكون له القدرة على طلب العلم، ولديه أيضاً الرغبة، فبدلاً من أن يثبطه يعينه على ذلك بما يحتاج إليه إذا كان يحتاج إلى تفريغه من ارتباطه بأعمال لدى هذا الوالد، أو أراد أن يساعده على شراء بعض الكتب، أو تنبيهه على بعض الأشخاص الذين يناسب أن يتلقى العلم عنه؛ لأن والده تكون عنده خبرة أكثر فالمقصود أن الأب عليه أن يأخذ بمقتضى قوله تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[1] فهو إذا أعانه على الخير يكون من المتعاونين على البر والتقوى، وقد يجعل الله في هذا الولد بركة لنفسه، وبركة في أسرته، وقد تكون البركة واسعة، فيجعل الله فيه بركة للمسلمين، ولا شك أن هذا أمر مهم يتعلق بكل أب نحو أولاده، ولهذا وسعت الإجابة نسبياً على قدر وقت البرنامج، ولو كان الوقت متسع لوسعت الكلام أكثر؛ ولكن لعل في هذا كفاية. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (2) من سورة المائدة.