Loader
منذ 3 سنوات

قراءة القرآن إلى الأموات شيء مكروه أو حرام، فما ردكم على هذا القول؟


الفتوى رقم (29) من المرسلة السابقة، تقول: سمعت بعض الناس يقولون: إن قراءة القرآن إلى الأموات شيء مكروه أو حرام، فما ردكم على هذا القول؟

الجواب:

        القرآن عبادة من العبادات البدنية، ولا يجوز للشخص أن يقرأ القرآن على الميت بعد موته، لكن قراءة « يس » في حال الاحتضار، قد ورد بها الدليل من الرسول [1]، فلا تجوز قراءة القرآن على الأموات لا قبل الدفن ولا بعد الدفن كما يفعله بعض الأشخاص الذين يذهبون إلى القبور ويقرأون عندها، وكذلك بعض الأشخاص الذين يستأجرون قرّاءً يقرؤون لأمواتهم، يستأجر قارئاً يقرأ لأبيه أو لأمه أو لأخيه أو لغير ذلك من الناس، هذا كله لم يرد فيه دليل صحيح عن النبي ، ولا عمل أحد من الصحابة، وقد ثبت عن رسول الله أنه قال: « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد »، وفي رواية « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ».

        وبناءً على ذلك فعلى العبد إذا أراد أن ينفع ميته، أن يتقرب إلى الله -جل وعلا- بما يحبه ويرضاه، فيدعو له، ويتصدق عنه مثلا بصدقة مالية أو غير ذلك. وقد ثبت عن رسول الله أنه قال: « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وولد صالح يدعو له، وعلم ينتفع به »، فذكر في هذا الحديث، الولد الصالح الذي يدعو لوالديه، وذكر أيضا الصدقة الجارية، فمن أراد أن ينفع ميته، فإنه ينفعه بما شرع الله على لسان رسوله ، فهذا هو الذي يقبل.

        ذلك أن كل عمل من أعمال الدين لا بد فيه من أمرين:

 الأمر الأول: « الإخلاص ». والأمر الثاني: « المتابعة ».

        الأمر الأول: الإخلاص: أن يقصد به وجه الله -جل وعلا-؛ لقوله : « إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى »[2]، ولقول الله -جل وعلا-: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [3]، وكذلك قوله تعالى: {بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ}[4].

        والأمر الثاني: المتابعة؛ يعني أن يكون موافقاً لشرع الله -جل وعلا-، فكل عمل يعمله الإنسان يريد ثوابه أو يريد ثوابه لغيره، فإذا خلا من هذين الأمرين، أو خلا من أحدهما، فإنه لا يكون مقبولا، وبالله التوفيق.



[1] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجنائز، باب القراءة عند الميت(3/191)، رقم (3121)، وابن ماجه في سننه، كتاب الجنائز، باب ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر (1/466)، رقم(1448).

[2] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الوحي (1/6)، رقم(1)، ومسلم في صحيحه كتاب الإمارة، باب قوله ﷺ: « إنما الأعمال بالنية » (3/1515)، رقم(1907).

[3] من الآية (110) من سورة الكهف.

[4] من الآية (112) من سورة البقرة.