ما معنى كون الشريعة كاملة، وأن من خصائص هذه الشريعة الكمال؟
- الكمال
- 2022-03-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (12065) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: ما معنى كون الشريعة كاملة، وأن من خصائص هذه الشريعة الكمال؟
الجواب:
لما كانت هذه الشريعة هي آخر الشرائع، والقرآن هو آخر الكتب، والرسول ﷺ هو آخر الرسل؛ كمّل الله -جل وعلا- هذه الشريعة بجميع ما يحتاج إليه الإنس والجن في أمور دينهم ودنياهم وفي أمور آخرتهم. وهذه الشريعة هي عبارة عن كتاب الله وعن سنة رسوله ﷺ.
ولكن لا بد من فهم كتاب الله وعلاقة بعضه ببعض، وفهم سنة رسول الله ﷺ وعلاقة بعضها ببعض، وعلاقتها -أيضاً- بالقرآن؛ وذلك بتعلم الوسائل التي تُسلك من أجل فهم القرآن والسنة.
والله -تعالى- يذكر أدلة تكّون أصلاً شرعياً، ولهذا نجد أن هذه الشريعة مشتملة على قواعد، وأن الفروع التي ترجع إلى هذه القواعد لا تحصى؛ سواء كانت من جهة أصل التشريع الذي يطبقه المكلفون، أو من جهة الوقائع التي تحدث للناس، وترد إلى مداركها من هذه الشريعة؛ لأن الأدلة منها أحكام تكون مستنبطة، وفيه وقائع تقع للناس وهذه الوقائع تارة تكون مطابقة لمواضعها، وتارة تكون مخالفة لمواقعها، إما مخالفة مخالفة تامة، أو فيها شيء من الزيادة، أو فيها شيء من النقص.
وعلى هذا الأساس عندما تقع الحادثة فإنه ينظر هل لهذه الحادثة دليل خاص معين، وإذا لم يوجد دليل خاص هل هذه المسألة تندرج تحت دليل عام. وإذا لم يجد أنها تندرج تحت دليل عام أو خاص ينظر -أيضاً- أنها تندرج تحت قاعدة من قواعد الشريعة. والمقصود بالقواعد -هنا- القواعد الكلية. وإذا لم يجد أنها تندرج تحت قاعدة كلية ينظر هل تندرج تحت قاعدة جزئية. وإذا لم يجد أنها اندرجت تحت هذا ولا هذا فإنه ينظر هل يمكن أن يكون لها مستند من الإجماع، أو يكون لها مستند من القياس. وإذا لم يجد هذه الأمور فإنه يرجع إلى مقاصد الشريعة العامة.
وذلك أن هذه الشريعة إذا نظرنا إليها وجدنا أنها إما أن تقرر أصلاً هو مصلحة محضة، أو تقرر أصلاً هو مفسدة محضة، أو تقرر أصلاً مصلحته أكثر من مفسدته، أو تقرر أصلاً مفسدته أكثر من مصلحته، أو يكون فيه اشتباه على المكلف من جهة التساوي بين المصلحة والمفسدة، أو يتعارض عنده مصلحتان: إحداهما راجحة والثانية مرجوحة، أو متساويتان في نظره، أو يكون هناك مفسدتان: مفسدة راجحة ومفسدة مرجوحة، أو تكون المفسدتان متساويتان.
وبناء على ذلك كله فعندما يكون الشيء مصلحة محضة فلا إشكال في الأخذ به؛ كالإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر؛ يعني: أركان الإسلام وأركان الإيمان كلها مصلحة. وأما المفسدة المحضة؛ كالكفر الأكبر، والشرك الأكبر، والنفاق الأكبر؛ هذه كلها مفسدة محضة ولا شك أنها تجتنب.
وعندما يتعارض الأمران يكون فيه مصلحة ومفسدة لكن المصلحة أرجح فتؤخذ المصلحة، وإذا كانت المفسدة أرجح يُجتنب هذا الأمر، وإذا تساوى الأمران في نظر المكلف فإن هذا الأمر الذي تساوى فيه الأمران هذا هو الذي يقول فيه العلماء: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وبناء على ذلك فإنه يجتنب.
وعندما تتعارض عنده مصلحتان متساويتان هو مخير بأخذ إحداهما وترك الأخرى، لكنهما متعارضتان، مصلحة سيحصلها، ومصلحة ستفوت وهما متساويتان، فيأخذ بأيهما شاء. وإذا كانت إحداهما راجحة والثانية مرجوحة فإنه يأخذ بالراجحة ويترك المرجوحة.
وإذا كان التعارض بين مفسدتين ولابد من ارتكاب إحداهما فإنه ينظر فإذا كانت فيه مفسدة راجحة ومفسدة مرجوحة يرتكب المفسدة المرجوحة؛ وذلك من أجل اجتناب المفسدة الراجحة. أما إذا كانتا متساويتين ولابد من ارتكاب إحداهما فإنه يتخير. وبالله التوفيق.