حكم تعلم بعض الأمور المتعلقة بالقرآن أو السنة؛ كتعلم عدد سور القرآن، أو معرفة السور التي بدأت بسبّح لله أو قل، أو معرفة عدد الأحاديث أو ما شابه ذلك، هل يُعد هذا من البدع؟
- تعلّم القرآن وتعليمه وأخذ الأجرة وما يتعلق بذلك
- 2022-03-10
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (12395) من المرسل السابق، يقول: ما حكم معرفة أو تعلم بعض الأمور البسيطة المتعلقة بالقرآن الكريم أو السنة النوبية الشريفة؛ كتعلم عدد سور القرآن الكريم، أو عدد السور التي سميت بأسماء الأنبياء، أو معرفة السور التي بدأت بسبّح لله أو قل، أو معرفة عدد الأحاديث الصحيحة أو ما شابه ذلك، هل يُعد هذا من البدع؟
الجواب:
الشخص إذا كان متجهاً لفهم القرآن فإنه يسعى في حفظه وفي فهمه. والشخص إذا أراد أن يسلك هذا المسلك فإنه يحتاج إلى تعلم العلوم التي تساعده على فهم القرآن؛ فإن القرآن نزل بلسان عربي مبين على رسول عربي، فتعلم اللغة العربية يعني معرفة اللغة العربية من جهة دلالتها وضعاً، ودلالتها استعمالاً؛ وكذلك من جهة معرفة اشتقاق الكلمات، ومعرفة فقه اللغة، ومعرفة علم التصريف، وعلم النحو، وعلوم البلاغة والبيان والمعاني والبديع؛ هذه كلها لابد أن يتعلمها الشخص حتى تكون مفتاحاً له فيما يتعلق بفهم القرآن من جهة اللغة. ويحتاج -أيضاً- إلى معرفة أصول الفقه، وإلى معرفة علوم القرآن. ويحتاج إلى معرفة أسباب النزول، ومعرفة الناسخ والمنسوخ وما إلى ذلك. ويحتاج إلى أن يعرف ذلك من جهة، ويحسن تطبيقه -أيضاً- من جهة أخرى. ويكون على علم بالفقه، ويكون -أيضاً- على علم بعلم التوحيد؛ وكذلك علم الإيمان، وكذلك على علم من ناحية مقاصد الشريعة.
أما شخص يأتي إلى الآيات القرآنية ويفهم منها على حسب فهمه الفكري الذي لا يرجع إلى قاعدة شرعية؛ فإن هذا الفهم مردود عليه إن قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار؛ هذا من جهة. ومن جهة ثانية فإن القرآن يفسّر بعضه بعضاً، ولهذا الشيخ الأمين الشنقيطي -رحمه الله- له كتاب (أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن).
أما من جهة السنة فإن السنة يبين بعضها بعضاً. ومن جهة أخرى أنها مفسرة للقرآن؛ لأن الله يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[1].
فلابد أن يكون الشخص على علم بالسنة من جهة طريق وصولها إلينا، وهذا يتعلق بعلم الأسانيد من جهة وبعلم الرجال من جهة أخرى. ويحتاج إلى معرفة ما يتعلق بعلل المتن من ناحية ما يعرض له من شذوذ وما إلى ما ذلك. ويحتاج -أيضاً- إلى معرفة بقاء دلالة الحديث، ويعرف بذلك الناسخ والمنسوخ من السنة؛ وكذلك يكون عنده علم من عوارض الأدلة التي تعرض للدليل؛ فإن العامة يعرض له التخصيص، والمطلق يعرض له التقييد، والمجمل يعرض له البيان وهكذا؛ بمعنى: إنه يعرف علاقة السنة بعضها ببعض من الناحية العلمية. ويكون عنده علم بمصطلح الحديث؛ لأن هذا يساعده فيما يتعلق بعلل الحديث من ناحية الرجال، ومن ناحية -أيضاً- السند؛ وكذلك من جهة المتن، وكذلك من جهة البقاء، ففيه كتاب اسمه (الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار). وفيه كتاب أيضاً (في أسباب ورود الحديث)، وفيه كتاب (مشكل الحديث)؛ فالشخص بإمكانه أن يزور المكتبات؛ مثل: مؤسسة الملك فيصل -رحمه الله-، ومؤسسة الملك فهد -رحمه الله-؛ وكذلك مكتبة الملك عبدالعزيز -رحمه الله-؛ فإن هذه يوجد فيها كتب كثيرة تتعلق بالقرآن وتتعلق بالسنة؛ هذه هي الأمور التي يمكن أن يشتغل بها الإنسان.
أما كونه يشغل نفسه في أمور جزئية؛ هذا في حدّ ذاته لا بأس به، لكنه لا يؤدي إلى العلم المطلوب. وبالله التوفيق.