Loader
منذ سنتين

حكم المال الناتج من تجارة (التنباك)


الفتوى رقم (476) من المرسل ح.ح من السودان- إقليم كردفان يقول: عندنا جار يعمل في تجارة السعوط، وبعضهم يسميه التنباك، وهذا السعوط يستعمل بدل التدخين، وهو مخدر، فهل هذه التجارة حلال أم حرام أم مكروهة؟

الجواب:

لا يجوز بيع ما ذكره السائل، ولا يجوز شراؤه، وثمنه حرام؛ وذلك أن السائل ذكر أنه مخدر، فإذا كان مخدراً فلا يجوز للشخص أن يتعامل به بأي وجه من وجوه التعامل، وقد ذكر الله قوله تعالى: "وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ"[1]، فهذا من الخبائث.

وإذا نظر الشخص إلى الأمور التي نهى الله عنها في كتابه العزيز، وكذلك ما نهى عن الرسول في سنته؛ إذا نظر إلى ذلك وجد أن كلّ مورد من موارد النهي تكون مفسدته أرجح من مصلحته، فنهى عنه بالنظر إلى غلبة جانب المفاسد على جانب المصالح؛ وهكذا بالنسبة للمواضع التي أمر الله بها؛ لأن جانب المصالح أرجح من جانب المفاسد إذا وجد فيها مفاسد.

وقد جاء أصل ذلك في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا"[2]، ثم بعد ذلك جاء تحريم الخمر تحريماً قاطعاً.

فالمقصود أن هذه قاعدة مطردة في الشريعة، وهي تغليب جانب المفاسد على جانب المصالح؛ يعني: إذا اجتمع في الأمر الواحد جانبان: جانب مصلحة، وجانب مفسدة، وغلّب جانب المفسدة على جانب المصلحة فإنه يحرم؛ وكذلك إذا استوى جانب المصلحة وجانب المفسدة في نظر المجتهد؛ فإن درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح.

ومما يحسن التنبيه عليه: أن كثيراً من الناس يتعاملون في المعاملات التجارية؛ ولكنهم لا ينظرون إلى جانب الحل فيأخذون به، وإلى جانب الحرمة فيتركونه؛ بل ينظرون إلى ما تدرّ عليهم هذه المعاملات التجارية من الأرباح؛ بصرف النظر عن كون العقد الذي عقدوه حلالاً أو حراماً.

وعلى المسلم في ذلك أن يتقي الله في نفسه، فإذا أراد أن يتعامل مع الناس معاملة تجارية فلا بدّ أن ينظر في حل العقد من حرمته، فإن كان العقد حلالاً فحينها يقدم عليه، وإذا كان العقد حراماً فيجب عليه أن يمتنع عنه. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (157) من سورة الأعراف.

[2] سورة البقرة، الآية (219).