حكم الوضوء بأكثر من المد والصاع
- الطهارة
- 2021-09-24
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1814) من المرسل م. أ. د، من العراق-بغداد، يقول: سمعت حديثاً عن رسول الله ﷺ « أنه كان يتوضأ بالمدّ ويغتسل بالصاع »[1]، فإذا توضأ الإنسان بأكثر من هذا هل يجوز؟ لإني أرى كثيراً من الناس يفتح صنبور الماء، ويظل الماء يجري من ذلك الصنبور ويتوضؤون بمُدّين أو ثلاثة، بصاعين أو ثلاثة. أرجو أن تفيدوا الناس حول هذا الموضوع، وكم هو المدّ؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب:
الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- ثبت عنه أنه توضأ مرة مرة؛ يعني: إنه غسل أعضاء الوضوء على مرة، وثبت عنه أنه توضأ مرتين مرتين؛ يعني: يغسل أعضاء الوضوء على مرتين، وثبت أنه توضأ ثلاثاً ثلاثاً، وهذا هو الأكمل، فالغسلة الأولى واجبة، والثانية سنة، والثالثة سنة؛ ولا يجوز له أن يتجاوز الثالثة.
وعلى هذا الأساس:
فعلى العبد أن يتقيد بسنة الرسول -صلوات الله وسلامه عليه-، هذا من جهة الوضوء، وأما من جهة الغسل فالرسول -صلوات الله وسلامه عليه- اغتسل ولما بقي غسل رجليه ، غسل جانبه الأيمن ، ثم جانبه الأيسر، ثم عمّم الماء على سائر بدنه، ُثم بعد ذلك غسل رِجْليه؛ هذا يسمّيه العلماء بالغسل الكامل.
أما الغسل المجزئ: فهو تعميم الماء على سائر البدن، هذه سنة الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- بالنسبة للوضوء، وبالنسبة للغسل الكامل والغسل المجزئ، فعلى العبد أن يتحرى سنة الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- وأن يتقيّد بها.
أما مسألة مقدار المد، فالمدُّ من الماء هو ملء اليدين المتوسطتين؛ يعني: ملء يد المتوسط من الرجال.
وأما ما يفعله كثير من الناس من ناحية الإسراف، وقد يكون من ناحية الوسوسة؛ لأن فيه بعض الأشخاص يسرف؛ ولكن لا يكون عنده وسوسة، وبعض الناس يسرف؛ يعني: يكون موسوساً إلى درجة أن بعض الأشخاص يقول: تطلع عليه الشمس وهو يتوضأ لصلاة الفجر؛ وقد سألني هذا السؤال فقال: تطلع عليه الشمس وهو يتوضأ لصلاة الفجر. وشخصٌ آخر يقول: إنه مكث خمس ساعات يتوضأ لصلاةٍ من الصلوات، وشخصٌ ثالث يقول: إنه دخل يتوضأ عند أذان المغرب، وجاءت الساعة السابعة وهو لم يخرج من وضوئه، والوقت الذي حصل منه يقارب ساعتين وزيادة، فهذا يكون من الوسوسة؛ فعلى العبد أن يتعلّم سنة الرسول -صلوات الله وسلامه عليه-، وأن يتقيّد بها؛ فلا يجوز له أن يزيد على الأمر المشروع، وعليه أن يستعيذ بالله -جلّ وعلا- من الشيطان الرجيم؛ لأن الشيطان يحرص على إفساد طهور المسلم، ويحرص على إفساد صلاته. وبالله التوفيق.
المذيع: الوسوسة، داءٌ عضال يعاني منه كثيرٌ من السادة المستمعين، البرنامج يستغل هذه الفرصة فيرجو من فضيلتكم توجيه أولئك حتى يسلموا من هذا الدال العضال.
الشيخ: الوسوسة تعالج بأمرين:
أما الأمر الأول: فهو قوة الإرادة عند الشخص؛ بمعنى: إنه إذا فعل الشيء مرة واحدة، فإنه يكتفي بذلك: غسل يده -مثلاً- مرة واحدة، غسل وجهه مرة واحدة يكتفي بهذا، وإذا زاد مرة ثانية أو ثالثة فهذا خير؛ لكنه لا يجوز له أن يتجاوز ذلك.
وقد يرد سؤال وهو: ما الفرق بين الوسوسة وبين الشك؟
لأن الإنسان قد يحصل عنده الشك في طهارته، وقد يحصل عنده الشك في صلاته.
والفرق بينهما: أن الشك لا يكثر؛ وإنما يطرأ على الإنسان بقلّة؛ أما الوسوسة فلا يخلو منها وضوء، ولا غسل، ولا صلاة، ولهذا نجد أن الشخص قبل أن يذهب إلى الوضوء ما يخطر في باله وساوس إطلاقاً، فعندما يبدأ في الوضوء يتسلّط عليه الشيطان؛ وكذلك لا يكون عنده وسوسة قبل دخوله في الصلاة، فإذا دخل في الصلاة تسلّط عليه الشيطان، قال له: لم تُكبِّر تكبيرة الإحرام. وقد صففت بجانب شخصٍ وكبر ما يزيد عن عشر مرات، كلّ مرة يكبّر، ثم بعد ذلك يرجع ويكبّر، ثم يرجع ويكبّر؛ ولا شك أن هذه وسوسة؛ هذه تعالج بقوة الإرادة، وهو الاكتفاء بالمرة الواحدة فقط.
الأمر الثاني: أن يستعين بالله -جلّ وعلا-، وأن يكثر من الاستعاذة بالله -جلّ وعلا- من الشيطان الرجيم، فإذا استعمل هذين الأمرين لعل الله سبحانه وتعالى أن يعينه على ذلك. وبالله التوفيق.
المذيع: جزاكم الله خيراً، هل هناك من أورادٍ شرعية معينة؟
الشيخ: الأوراد بالإمكان أن الإنسان يستعملها؛ ولكن في الحقيقة أن الوسواس هذا قد يكون له أسباب، هي التي تحتاج إلى علاج، منها:
- قد تكون الوسوسة ناشئةً من استعمال العادة السرية؛ لأن كثيراً من الذين تكون عندهم ، أسألهم ، ويقولون إنهم كانوا يستعملونها، فالعلاج : أنه يترك العادة السرية.
- ومن الأسباب أن يكون عنده مشاكل في بيته بينه وبين أحدٍ من أسرته، أو بينه وبين أحدٍ من أساتذته، أو من الزملاء؛ أو عنده مشاكل تجارية، أو عنده مشاكل -مثلاً- في محيط عمله، أو غير ذلك من المشاكل، فيحرص على أن يزيل هذه المشاكل.
وأما مسألة الأوراد، فالأوراد كثيرة؛ يعني: الأدعية كثيرة، وبالإمكان أن الإنسان يرجع للكتب التي اعتنت في بيان أذكار اليوم والليلة، ومن أحسنها كتاب -عمل اليوم والليلة -للنسائي، وكتاب الأذكار للنووي، وكتاب الوابل الصيب لابن القيم، وكتاب الكلم الطيب لشيخ الإسلام؛ إلى غير ذلك من الكتب التي اعتنت في بيان الأذكار. وبالله التوفيق.