حكم كشف العورة عند الاستنجاء
- الطهارة
- 2021-06-13
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (175) من المرسل ع.م سوري الجنسية يعمل في المملكة، يقول: ما حكم كشف العورة عند الاستنجاء للصلاة أمام الناس قبلاً أو دبراً؛ لأنني رأيت كثيراً من الناس يعملون هذا، وقد نهيتهم ولكن قال لي أحدهم: لا حياء في الدين، وإنني قد سمعت حديثاً عن الرسول ﷺ يقول: « من لا حياء فيه لا خير فيه »[1], ما حكم هذا العمل في الإسلام؟ وما صحة هذا الحديث؟
الجواب:
الواجب على الشخص أن يستر عورته، وإذا أراد أن يقضي حاجته فإنه يستتر ويبتعد عن الناس , ولا يجوز له أن يكشف عورته أمام الناس, لا من أجل قضاء الحاجة ولا لغير ذلك, اللهم إلا ما دعت إليه الضرورة مثل كشف الطبيب على محل من العورة, يعني لا بد منه، فهذا يكون جائزاً من جهة الرخصة؛ لأن الضرورة تقتضي ذلك.
وقد ذكر السائل أنه أنكر عليهم، فجزاه الله خيرا على ذلك الإنكار، ولكن عملهم ذلك لا يدل على أنه جائز، ولو قال له بعض الناس إن هذا جائز، فعمل الناس ليس حجة على الشرع، وإنما الحجة هو الشرع على الناس, فتعرض أعمال الناس على الشرع، فما وافق منها الشرع قبل وما نفاه الشرع فإنه يرد, ولو فرض أنه وُجِد عرف سائد بين الناس في هذا الأمر كما ذكر السائل أنه وَجَدَ كثيراً من الناس يكشف عورته ولا يبالي، فإن من القواعد المقررة في العرف أنه إذا خالف الشرع يعني إذا خالف دليلا من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القواعد العامة, فإن هذا العرف لا يكون دليلاً يستدل به على جواز الفعل.
أما الحديث الذي يسأل عنه (من لا حياء فيه لا خير فيه) فالحياء شعبة من شعب الإيمان، وجاءت أدلة كثيرة تدل على مشروعية الحياء, ولكن الحياء قد يفهمه بعض الناس على وجوه منها ما يكون ممنوعاً ومنها ما يكون مقبولاً.
فبعض الناس يستعمل أساليب النفاق عند الأشخاص الذين يخاف منهم خوفاً بشرياً أو يرجوهم رجاء بشريا, وعندما تناقشه في استخدام هذا الأسلوب يقول: أنا أستحي أن أواجههم بهذا الشيء الذي يعملونه, فيستعمل هذا الأسلوب ويسلكه معهم ويستحي منهم، فلا ينكر عليهم ما يعملونه.
فمن الناس من يسلك هذا المسلك, ومنهم من يسكت سكوتاً نهائياً، فلا يستخدم أسلوب النفاق بل يستخدم أسلوب السكوت، مع قدرته على التغيير، ويجعل هذا من الحياء، وهذا في الحقيقة ليس من الحياء, إنما الحياء هو الشيء الذي يجعل الإنسان يقف عند محارم الله -جل وعلا-, يقف عندها بمعنى أنه لا يفعل شيئا من المحرمات حياء من الله -جل وعلا-, وهناك أمور درج عليها الناس في أعرافهم وهي لا تخالف القواعد العامة.
فالإنسان يلازم الآداب العامة وتكون ملازمته للآداب العامة من باب الحياء, أما الإنسان الذي تنعدم فيه هذه الصفة فهو لا يبالي في ترك الواجبات ولا في فعل المحرمات؛ يعني لا يبالي بترك شيء من الواجبات أمام الناس أو فعل شيء من المحرمات أمام الناس, فهو لا يستحي من ربه فيما بينه وبينه, ولا يستحي من الناس فيما بينه وبين الناس.
فالإنسان إذا انتزع منه الحياء على هذا الوجه فحينئذ لا يكون فيه خير بقدر ما حصل منه من انتهاك هذا الطريق, وهو أنه سلب صفة الحياء من نفسه في هذه الأمور التي ارتكبها.
وقد يكون مقلاً من ناحية عدم الحياء، وقد يكون مستكثراً، ولهذا قال النبي ﷺ: « كل أمتي معافى إلا المجاهرين »[2].
فالإنسان قد يفعل الأشياء سراً لكن بعض الناس يفعلها علانية، فمن يفعلها سراً لا يستحي من الله، ومن يفعلها علانية لا يستحي من الله ولا يستحي من خلقه.
فواجب على الإنسان أن يلتزم الطريقة التي سار عليها الرسول ﷺ في تطبيق هذه الصفة على الوجه الشرعي، وبالله التوفيق.
[1] أخرجه عبدالرزاق في مصنفه موقوفاً على حذيفة t، باب القوم يأتون المسد يوم الجمعة بعد انصراف الناس(3/232)، رقم(5461).
[2] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب ستر المؤمن على نفسه(8/20)، رقم (6069)، ومسلم في صحيحه، كتاب الزهد والرقائق، باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه(4/2291)، رقم(2990).