Loader
منذ 3 سنوات

حكم طاعة الوالدين في المعصية


الفتوى رقم (260) من المرسل السابق، يقول: إذا أمر الوالد ولده أن يُقِّرب له شيئاً محرماً كالدخان أو شيئاً آخر من المحرمات، وهو يعلم أنه محرم هل يجوز ذلك؟

الجواب:

        العلاقات التي يرتبط بها بعض الناس مع بعض قسمان:

القسم الأول: علاقات مشروعة.

والقسم الثاني: علاقات ممنوعة.

        والعلاقة المشروعة وسيلتها مشروعة، والعلاقة التي ليست بمشروعة وسيلتها غير مشروعة.

        وقد بين الله هذين الأمرين فأمر بالتعاون على البر والتقوى، وهذا هو قاعدة العلاقة المشروعة، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان، وهذا هو قاعدة العلاقة التي ليست بمشروعة.

        ومن المعلوم: أن الوسائل لها حكم الغايات، فهذا السؤال الذي سأل عنه السائل، هو داخل في التعاون على الإثم والعدوان، وهو منهي عنه؛ فلا يجوز لهذا الابن أن يساعد أباه، ولا يجوز لغيره لا من الآباء ولا من الأبناء ولا لأحد من الناس أن يتعاون مع شخص آخر على الإثم والعدوان، ووجود وصف يتصف به الشخص الآمر، ويقابل هذا الوصف صفة في المأمور، فتكون صفة الآمر الأبوَّة مثلاً أو يكون له سلطة وشوكة ويكون المأمور ابناً أو يكون ضعيفاً، فلا يجوز له أن يطيع أمره سواء أكان قريباً منه أم بعيداً، وسواء كان هذا الآمر له سلطة أو ليست له سلطة؛ لأن الرسول بيَّن القاعدة العامة التي يسار على نهجها في هذا الموضوع فقال : « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ».

        فكلمة مخلوق نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تكون عامة، فأي مخلوق كان لا يطاع إذا كانت طاعته تؤدي إلى معصية لله -جل وعلا-.

        وإنما ذكرت الإجابة عن هذا السؤال على هذا الوجه؛ لأنني أرى وأسمع عن كثير من الناس أنهم يتعاونون على الإثم والعدوان.

        فالحاصل: أنه لا يجوز للشخص أن يتعاون مع أي شخص آخر على الإثم والعدوان، وإنما المشروع هو التعاون على البر والتقوى، فقد يكون التعاون واجباً، وقد يكون مسنوناً على حسب اختلاف المواضع، ووسائل الغاية المشروعة مشروعة، ووسائل الغاية الممنوعة ممنوعة، وبالله التوفيق.