كيف يحافظ المسلم على عبادته بعد انقضاء شهر رمضان؟
- فتاوى
- 2022-01-30
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9781) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: كيف يحافظ المسلم على عبادته بعد انقضاء شهر رمضان حيث أمضى المسلم شهراً في الطاعة؟
الجواب:
الشخص إذا جرى عليه قلم التكليف، ففيه أمورٌ لا بدّ أن يعملها، وفيه تطوعٌ متروكٌ إليه.
وهذه الأمور الواجبة: منها الصلاة والصيام والزكاة إذا كان عنده مال، ومنها -أيضاً- العمرة إذا كان مستطيعاً؛ وكذلك الحج، وكذلك أمور المعاملات إذا كان من الأشخاص الذين يشتغلون في التجارة فلا بدّ أن يعرف الحلال والحرام من المعاملات حتى لا يقدم إلا على معاملةٍ مباحة، ويتجنب المعاملة المحرمة؛ وهكذا سائر ما يجب عليه وجوباً عينياً.
وهذه الأمور لا تختص برمضان ولا بيومٍ من أيام السنة أو شهرٍ من شهور السنة وإنما هي عامة، وإذا نظرنا إلى الصلاة وجدنا أن الله -سبحانه وتعالى- قال: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[1] و {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[2]، ووجدنا أن الرسول ﷺ بيّن رواتب الصلوات الخمس، فالظهر لها راتبة قبلها وبعدها؛ أما العصر فليست لها راتبة؛ وإنما قال الرسول ﷺ: « رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربع ركعات ».
وبالنسبة للمغرب ركعتان بعدها، والعشاء ركعتان بعدها، والفجر ركعتان قبلها. وفيه -أيضاً- صلاة الضحى، وفيه صلاة الليل، وفيه الوتر، وفيه التطوع الذي ينشئه الإنسان من نفسه؛ كما إذا أراد أن يتطوع بين الظهر والعصر، أو يتطوع بين المغرب والعشاء، أو يتطوع يتجاوز الحد الذي جاء بالنسبة لصلاة الليل فيصلي كثيراً؛ لأن الناس تختلف أحوالهم من ناحية القوة ومن ناحية الضعف؛ وكذلك بالنسبة للضحى فأقلها ركعتان ولا حدّ لأكثرها.
وهذه الأمور كلها عامة لرمضان وفي غير رمضان؛ لكن عندما يأتي رمضان ويريد الشخص أن يزيد في العبادة التطوعية يزيد في صلاته؛ وهكذا بالنظر للصيام، فالصيام فرضه الله -جل وعلا- شهراً في السنة؛ لكن إذا أراد أن يتطوع الشخص بصيام الخميس والإثنين، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، أو تكون عنده قدرة يصوم كصيام داود يصوم يوماً ويفطر يوماُ؛ وهكذا بالنسبةِ لصيام الست من شوال، وصيام يوم عرفة، وصيام اليوم العاشر والحادي عشر، أو العاشر والتاسع من شهر محرم؛ وهكذا بالنظر للصدقة؛ يعني: غير الزكاة الواجبة، وهكذا بالنظر لعمرة التطوع وحجّ التطوع.
وبناءً على ذلك كله: فإن الإنسان عندما يأتيه رمضان ويريد أن يزيد على ما كان يفعله في غير رمضان؛ لأن الفريضة في رمضان عن سبعين فريضة، والنافلة تعدل فريضة في غير رمضان؛ وكذلك الصدقة لها فضلٌ عظيم في رمضان، فإذا أراد الشخص أن يزيد عما كان يعمله في غير رمضان فلا شك في أن شرف الزمان له مكانة، فإن المكان يكون له شرف، والزمان يكون له شرف؛ إلى غير ذلك من الأمور التي تتفاضل فيها الأعمال.
وعلى هذا الأساس لا يتصور الشخص أن يكون على هيئة خاصةٍ في رمضان، فإذا انتهى رمضان عاد على حالةٍ سيئة. بئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان!
فعلى الإنسان أن يتعاهد نفسه إذا كان قد أحسن في رمضان أن يتعاهد نفسه بعد رمضان على ما كان عليه في رمضان، وعليه أن يسأل الله -جل وعلا- الإعانة والتوفيق والقبول. وبالله التوفيق.