حكم فعل أناس يعطون من يهديهم ذبائح أشرطة خضراء ويدعون أنها تدفع الشر، وحكم من يقوم بأفعال خارقة كإلقاء نفسه في النار وغيرها
- فتاوى
- 2021-06-03
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (89) من المرسل ح.ع.س من سوريا - الرقة، يقول: عندنا ناس يزورون رجلاً ويعطونه أو يذبحون له أي شيء, فيعطيهم أشرطة خضراء من حرير يزعم أنها تقيهم شر كل شيء, هذه ناحية، والناحية الثانية: بعض الناس عندنا يزعم أن هناك رجالاً يلقون بأنفسهم في النار أو يضربون أنفسهم بالسيوف, وأنا لا أصدق هذه الأقوال؛ لأنني لم أرها بعيني.
وسؤالي: إذا كان قولهم صحيحاً وفعلهم صحيحاً، فما الأسباب التي تدفعهم لذلك؟ وسمعت أن بعض الناس يعطونهم إذا ضربوا أنفسهم أو يقبّلون حذاءهم أو يتبركون بهم.
الجواب:
هذه الأمور التي ذكرتها هي من باب الشعوذة والتدجيل والتمويه على الناس؛ وذلك أن الله -جل وعلا- هو المتصرف في هذا الكون، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والقدرة صفة من صفات الله -جل وعلا-، فهو على كل شيء قدير، والله -جل وعلا- يقول: "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"[1]، وفي قصة إبراهيم يقول الله حكاية عنه: "وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ"[2].
فانتصاب أشخاص يضعون أنفسهم موضع القدوة للناس من أجل أنهم يأتون إليهم ويأخذون منهم أشياء زعماً منهم أنها تنفع أو تضر من دون الله كما ذكر في السؤال من الأشرطة الخضراء أنهم إذا أخذوها فإنها تقيهم من وقوع الشرور مستقبلاً، هذا ليس بصحيح.
من يدفع لهم هذا الشيء إذا اعتقد هذا، فإن هذا شرك أكبر، فإن كان جاهلاً فإنه يعلّم ويبين له الحكم, وإذا أصر على طريقته، فإنه يكون مشركاً شركاً أكبر وخارجاً عن ملة الإسلام.
وإذا كان يفعل هذا من أجل الكسب، ولكنه لا يعتقد أنها تنفع أو تضر من دون الله، فإن هذا يكون عاصياً؛ لأنه أخذ المال بغير وجهه الشرعي.
وهكذا الذين يأخذونها, إذا كانوا يجهلون الحكم، فإنه يبين لهم أنه لا ينفع أحد من دون الله -جل وعلا-, يعني لا ينفع أحد في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله -جل وعلا-, فيبين لهم الحكم في ذلك، فإذا أصروا عليه فإن الشخص يكون مشركاً شركاً أكبر؛ لأنه عصا الله -جل وعلا- وأشرك به بعد بيان الحكم بدليله له, والمال الذي يأخذونه هذا سحت على أي وجه من الوجوه، وكذلك الأشخاص يضربون أنفسهم بالسيوف فإن هذا من باب التمويه والتدجيل على الناس, فلا يجوز للشخص أن يصدقهم أو أن يأتي المواضع التي يكونون فيها, أو أن يدفع لهم شيئاً من المال من أجل أنهم يفعلون هذا الشيء, وكذلك -مع الأسف- ما ذكر من تقبيل أحذيتهم لأن هذا تعظيم لهم، هذا مبالغة بالتعظيم لهم, فالمقصود: أنه واجب على المسلم أن يسأل عن الأمور التي يحتاج إليها، وكذلك في الأمور التي يقع في نفسه منها شك، فقد قال تعالى: " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"[3]، وبالله التوفيق