Loader
منذ 3 سنوات

حكم ترك السعي يوم النحرإذا نزلت إلى البيت الحرام وأديت الطواف بعد رمي الجمرات؟ وهل ترمى الجمرات يوم النحر كلها أم الجمرة الكبرى فقط؟


الفتوى رقم (7143) من المرسل ي.أ.ع.ب. يقول: هل يجوز لي أن أترك السعي يوم النحر إذا نزلت إلى البيت الحرام وأديت الطواف بعد رمي الجمرات؟ وهل ترمى الجمرات يوم النحر كلها أم الجمرة الكبرى فقط؟

الجواب:

        بالنسبة للسعي إن كنت مفرداً أو قارناً وسعيت بعد طواف القدوم فليس عليك في يوم العيد إلا طواف الإفاضة، وإن كنت قارناً أو مفرداً ولم تسعَ بعد طواف القدوم أو كنت متمتعاً فإن عليك سعياً بعد طواف الإفاضة؛ لأن المتمتع عليه سعي للعمرة قبل الخروج إلى عرفة، وعليه سعيٌ للحج مع طواف الإفاضة، أما المفرد والقارن فليس عليه إلا سعيٌ واحدٌ، وله تقديمه بعد طواف الإفاضة، وله تقديمه بعد طواف القدوم أو تأخيره مع طواف الإفاضة.

        وأما بالنظر إلى الجمار فالمشروع رمي جمرة العقبة في يوم العيد؛ وأما رمي الجمار الثلاث الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى فهو مشروع في اليوم الحادي عشر والثاني عشر بعد الزوال لمن تعجل، أما من لم يتعجل فإنه مشروع في حقه رمي الجمار الثلاث مرتبةً في اليوم الثالث عشر؛ بالإضافة إلى اليوم الحادي عشر والثاني عشر، لأن الله -تعالى- قال: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى"[1]، فالإنسان مخيرٌ بين التعجل وبين التأخر؛ لكنه لا يرميها كما يفعله بعض الجُهال لا يرميها في يوم العيد؛ لأن فيه بعض الجُهال يأتون من بلادٍ بعيدة وإذا نزل من عرفة وجاء يوم العيد رمى جميع الجِمار في يوم العيد، رماها عن يوم العيد، وعن اليوم الحادي عشر، وعن اليوم الثاني عشر، وقد يرمي عن اليوم الثالث عشر ثم ينزل ويطوف ويسعى ويسافر، ويجعل طوافه هذا عن طواف الإفاضة من جهة، وعن طواف الوداع من جهةٍ أخرى. ولا شك أن هذا تلاعبٌ في مناسك الحج ؛ لأن حقيقة هذا الشخص أنه ترك الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، وترك -أيضاً- المبيت في منى، وأيضاً طواف الوداع على حسب نيته على فرض أنه أتى به في غير وقته.

        فالمقصود أن الشخص إذا تلبّس بأي عبادة من العبادات فلا بد أن يتنبه إلى ثلاثة أمور:

        أما الأمر الأول: فما هو المشروع في هذه العبادة من ناحية الكم، ومن ناحية الكيف، ومن ناحية المكان، ومن ناحية الزمان ؛ لأن العبادة تكون معلقة بمكان لا تقبل إلا به، أو معلقة بزمانٍ لا تقبل إلا به، أو معلقةٌ بكمٍ لا تصح إلا به، أو بكيفٍ لا تصح العبادة إلا به، وهذا موجود في الحج. فمثلاً:

        لو أن إنساناً طاف في غير البيت أو سعى في مكانٍ غير المسافة بين الصفا والمروة، فهذا العمل جاء به في غير محله. وكذلك لو أنه أتى بالحج في شهر رمضان فهذا بالنظر إلى الوقت لا يجوز له أن يأتي به إلا في وقته، ولهذا الله -تعالى- قال: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ"[2]، وهكذا بالنظر إلى الكم؛ يعني: العدد؛ مثل: السعي سبعة أشواط، والطواف سبعة أشواط، فلو أنه أتى بأربعة في الطواف، وثلاثة أو أربعة أو خمسة في السعي واكتفى بها فإن هذه العبادة لا تكون صحيحة، فلا بدّ أن يتأكد من مشروعية الشيء، ومن ناحية كميته، وكيفيته، ومكانه، وزمانه، هذا من جهة التشريع يكون معلوماً عنده. وإذا كان معلوماً عنده بعد ذلك ينظر إلى المحل، ينظر إلى الشيء الذي يؤدي فيه هذا العمل فيؤديه، ويكون أداؤه هذا مُطابقاً للأمر المشروع، فإذا تطابق عمله هذا مع الأمر المشروع يكون عمله هذا صحيحاً ؛ لأن العبادة لا بدّ لها من الإخلاص من جهة، ولابد لها من المتابعة من جهةٍ أخرى، فليس المهم أن يعمل الشخص ولكن المهم أن يكون عمله هذا مشروعاً، وأن يأتي به على الوجه المشروع، وأن يُريد بذلك وجه الله -جل وعلا-.

        فعلى العبد أن يحرص على ذلك حتى تكون أعماله مقبولةً عند الله -جل وعلا- وإلا فقد يعمل الإنسان أعمالاً كثيرة ولكن لا يقبل منها شيءٌ؛ إما لتخلف المتابعة، أو لتخلف الإخلاص، أو لتخلفهما معاً. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (203) من سورة البقرة.

[2] من الآية (197) من سورة البقرة.