Loader
منذ 3 سنوات

السؤال عن معنى قوله تعالى: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير


  • التفسير
  • 2021-09-11
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1530) من المرسل السابق، يقول: ما معنى قول الحق -تبارك وتعالى:"مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"[1]؟

الجواب:

        هذه الآية فيها بيان أن الله -جلّ وعلا- يُنزِّل الآية وبعد ذلك ينسخ حكمها، وإذا نسخ حكمها قد ينسخ الحكم بحكم آخر، ويكون الناسخ أثقل من المنسوخ، وقد يكون أخف منه، وقد يكون مثله؛ ولكلّ نوع من هذه الأنواع حكمة من الحكم، فعندما ينسخ الله -جلّ وعلا- حكماً أخف بحكم أثقل يكون هذا فيه ابتلاء وامتحان من الله -جلّ وعلا- من أوجب عليهم الأثقل ونسخ في حكمهم الأخف، هل يمتثلون ويصبرون؟ أم أنه يحصل عندهم شيء من الضجر والاعتراض على حكم الله؟ فإن صبروا أُجِروا، وإن اعترضوا فإنهم يأثمون.

        وإذا كان الحكم الناسخ أخف من المنسوخ؛ فهذا فيه فضل من الله ورحمة وإحسان إلى عباده؛ حيث نقلهم من الحكم الأثقل إلى الحكم الأخف، وقد وصف الله نبيه محمداً ﷺ بقوله تعالى:"لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"[2]، فإذا كانت هذه الصفات في محمد ﷺ من جهة الخَلق، فكيف بالله -جلّ وعلا-.

        وإذا كان الناسخ مماثلاً للمنسوخ، فهذا -أيضاً- فيه ابتلاء وامتحان للعباد؛ حيث نقلهم من حكم إلى حكم آخر يماثلونه، فقد يحصل عندهم اعتراض ويقولون: ما الفائدة؟ وقد يمتثلون ويسلِّمون الأمر لله، ويكون ذلك لحكمة قد يعلمونها وقد لا يعلمونها؛ لأن الحكم المرتبة على الأحكام قد تكون معلومة للخلق، وقد يكون بعضها معلوماً لهم، وقد لا يعلمون الحكمة؛ فحينئذٍ عليهم التسليم والانقياد لأوامر الله -جلّ وعلا-:"لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ"[3]. وبالله التوفيق.



[1] الآية (106)، من سورة البقرة.

[2] الآية (128)، من سورة التوبة.

[3] الآية (23)، من سورة الأنبياء.