Loader
منذ سنتين

يحزنني السفر بعض الشباب للخارج، ووقوعهم في المعاصي والآثام


  • فتاوى
  • 2022-01-05
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (8357) من المرسل السابق، يقول: بأن المسلم لا شك يغار على إخوانه المسلمين، ومما يحزنني كثيراً سفر بعض الشباب للخارج، ووقوعهم في المعاصي والآثام، ما توجيهكم لهم أحسن الله إليكم؟

الجواب:

        الله -جل وعلا- يقول في محكم كتابه العزيز: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)}[1]، ويقول -جل وعلا-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[2]، ويقول -جل وعلا-: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[3]، ويقول الرسول ﷺ: « إن الليل والنهار خزانتان فانظروا ماذا تضعون فيهما، فإذا جاء يوم القيامة فتحت هذه الخزائن، فالمحسنون يجدون في خزائنهم الفرحة والسلامة، والمسيئون يجدون الحسرة والندامة »[4]، فأنت يا عبدالله إذا جرى عليك قلم التكليف، فإنك بمنزلة الإنسان الذي يُملي، فأنت تملي بأقوالك، وتملي بأفعالك على الكتبة، ففيه ملكان موكّلان بك من صلاة الفجر إلى صلاة العصر أحدهما عن يمينك يكتب الحسنات، والثاني عن يسارك يكتب السيئات، ومن صلاة العصر إلى صلاة الفجر أيضاً ملكان أحدهما عن يمينك، والثاني عن يسارك الذي عن يمينك يكتب الحسنات، والذي عن يسارك يكتب السيئات، فأنت في أي مكانٍ تكون سواءٌ يراك الناس، أو لا يراك إلا الله -جل وعلا-، فما عملت من عملٍ حسن، أو صدر منك قولٌ حسن فإن ملك الحسنات يكتبه، وإذا صدر منك قول سيء أو فعل سيء، فإن ملك السيئات يكتبه، فأنت تملي، والملائكة يكتبون، وإذا جاء يوم القيامة يُقال لك: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}[5] فأنت في أعمالك هذي إما أنك تعمل أعمالاً تنجيك من عذاب الله، أو أنك تعمل أعمالاً تُوِبقك في النار؛ يعني : تهلكك في النار، يقول -جل وعلا-: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}[6]، وبعض الشباب الذين يسافرون إلى الخارج يرون أنه لا يراقبهم أحدٌ من الناس الذين يعرفونهم لكنهم يجهلون أن الله -جل وعلا- مطلعٌ عليهم، ويجهلون أنه قد وكل بهم ملائكة يكتبون ما يصدر منهم من حسناتٍ وسيئات، فإذا جاء يوم القيامة يُقال لهم: هذه حسناتكم، وهذه سيئاتكم.

        فعلى الشاب سواءٌ كان في بلده أو كان في الخارج وكذلك غير الشاب، عليهم مراقبة الله -جل وعلا- مراقبةً دقيقةً، ومن العجب أن الإنسان يستخفي من الناس في ارتكاب المعصية من اللواط أو الزنا أو شرب الخمر، يستحي من الناس، ويستخفي منهم، لكنه لا يستحي من الله، ولا يستحي من الملائكة الذين معه، يقول الله -جل وعلا-: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا}[7]، والشاب الذي يسافر إلى الخارج، ويرتكب هذه المحرمات لا يدري قد يفاجئه الأجل، وهو في غربته، ثم يموت على حالةٍ سيئة يلقى الله -جل وعلا- وهو غضبانٌ عليه، فأنا أوصي نفسي، وأوصي كل شخصٍ بتقوى الله على وجه الحقيقة قولاً وعملاً واعتقاداً، وبالله التوفيق.



[1] الآيات (10 - 12) من سورة الانفطار.

[2] الآية (18) من سورة ق.

[3] الآية (49) من سورة الكهف.

[4] أخرجه ابن أبي الدنيا في الزهد ص(186)، رقم(423).

[5] الآية (14) من سورة الإسراء.

[6] الآيات (7 - 8) من سورة الزلزلة.

[7] الآية (108) من سورة النساء.