السؤال عن معنى قوله ﷺ في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله-: « رجلان تحابّا في الله، فاجتمعا عليه وتفرقا عليه » وقوله: « ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه »
- فتاوى
- 2021-09-10
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1493) من المرسل السابق، يقول: في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول ﷺ بخصوص السبعة الذين يُظلُّهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، أسأل لو تكرمتم عن معنى قوله ﷺ:« رجلان تحابّا في الله، فاجتمعا عليه وتفرقا عليه »، وأسأل عن الشطر الآخر: « ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه »[1]؟
الجواب:
الإنسان في هذه الحياة يتصرف بناءً على الدواعي التي تدعوه إلى هذا التصرف، ومن الدواعي المحبة، والمحبة قد تكون محبة طبيعية، وقد تكون محبة حيوانية، وقد تكون محبة دنيوية من أجل الحصول على أغراض دنيوية، فيحب الشخص حتى يدرك منه مقصوده، فإذا أدرك مقصوده منه زالت هذه المحبة، وقد يحب الشخص من أجل أن يعاونه على الإثم والعدوان، فإذا أدرك المقصود زالت هذه المحبة، وقد يكون الداعي الذي يربط بين الشخصين هو المحبة في الله -جلّ وعلا-، تبدأ هذه المحبة بينهما، ولا يشوبها شائبة من الشوائب حتى يتفرقا على ذلك، فهما يجتمعان على هذه المحبة ويتفرقان على هذه المحبة؛ يعني: إنها تكون ثابتة عند كلّ واحدٍ منهما تكون هذه المحبة ثابتة حتى يلقى كلٌ منهما ربهما، وهذه المحبة لها أثر عظيم في حياة الإنسان، ولها أجر عظيم عند الله -جلّ وعلا-، ولهذا يقول الله -جلّ وعلا-:"الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ"[2]؛ يعني: إن أواصر المحبة التي تكون بين الناس في الدنيا تنقطع يوم القيامة؛ إلا المحبة التي تكون بين الرجل وبين الآخر في الله -جلّ وعلا-.
وأما بالنسبة للرجل الذي ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، فإن الشخص إذا خلا بنفسه قد يحصل عنده شيء من التفكير في مخلوقات الله -جلّ وعلا-، ويتفكر في شرع الله -جلّ وعلا-، ويتفكر في رحمته وفي لطفه وفي إحسانه وفي بره، وفي شموله لعباده بفضله -جلّ وعلا-، وفي عدم سرعة معاقبته لمن يفعل شيئاً من الأمور المحرمة، ولهذا يقول الله -جلّ وعلا-:"وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ"[3]، فالله -جلّ وعلا- لا يُعجّل العقوبة على الإنسان؛ لأن بعض الناس قد يتوب، فيتوب الله -جلّ وعلا- عليه، فإذا تذكر هذه الجوانب من جهة الله -جلّ وعلا-، حصل عنده خشوع وخضوع لله -جلّ وعلا-، وقوِيَ اتصال قلبه بالله -جلّ وعلا-؛ لأنه حصل عنده شيء من الصفاء، وكلما حصل عند الإنسان قوة في صفاء نفسه؛ فإنه يقوى اتصاله بالله -جلّ وعلا-. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة (1/133)، رقم(660)، ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة (2/715)، رقم(1031).