(الربا سبعون بابًا)، ماهي أبواب الربا
- البيوع والإجارة
- 2021-07-31
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (6824) من المرسل السابق يقول: قرأت حديث رسول الله ﷺ فيما معناه: « الربا سبعون باباً أهونها كالذي ينكح الرجل أمه »[1].
سؤالي: هل هذا الحديث صحيح؟ وإذا كان الجواب نعم، أفيدونا عن بعض الأبواب علماً بأننا لا نعرف عن الربا سوى فائدة القرض.
الجواب:
لفظ الربا من الألفاظ المشتركة، ولهذا جاء في بعض روايات الحديث: « وإن أربا الربا استطالة الرجل عرض أخيه » [2] فعلى سبيل المثال: النميمة من الربا والغيبة من الربا ، لماذا؟ لأنها زيادةٌ لم يشرعها الله -جل وعلا- لأن الإنسان ممنوعٌ من النميمة وممنوعٌ من الغيبة؛ وبخاصةٍ إذا كانت الغيبة من باب البهتان؛ لأن الإنسان يغتاب أخاه بما ليس فيه ويكون من باب البهتان ويغتابه بما فيه، فإذا اغتابه بما ليس فيه يكون هذا من الربا؛ لأنه استطال على عرض أخيه؛ وكذلك الساعي في النميمة استطال على عرض أخيه.
وعلى هذا الأساس فكلمة ربا من الألفاظ المشتركة. واللفظ المشترك تارةً يكون الاشتراك اشتراكاً معنوياً، وتارةً يكون الاشتراك اشتراكاً لفظياً، فمثلاً لفظ الكفر جاء في القرآن وهو من الألفاظ المشتركة أيضاً، مثل الكفر يكون كفراً أكبر، ويكون كفراً أصغر. ومثل النفاق يكون نفاقاً أكبر، ويكون نفاقاً أصغر. والنفاق الأصغر له أمثلةٌ كثيرة؛ مثل: « آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا واعد أخلف، وإذا اؤتمن خان »، جاءت أدلة كثيرة من هذا النوع تذكر جملة من صفات المنافقين، وكل واحدٍ تحققت فيه صفةٌ من هذه الصفات يوصف بأنه منافق؛ لكن لا يُقال عنه: بأنه منافق النفاق الذي يخرجه عن الإسلام الذين ذكرهم الله أهله في القرآن في قوله -تعالى-: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ"[3]، وهكذا بالنظر للشرك يكون الشرك شركاً أكبر، ويكون الشرك شركاً أصغر، فالشخص يقوم ويزين صلاته، يقرأ ويُزين قراءته، يتصدق ليُقال: إنه كريم. كل هذا من الرياء والشرك؛ لكنه شرك أصغر لأنه قصد بعمله هذا غير الله -جل وعلا-؛ ولكنه لا يصل إلى درجة الشرك الأكبر.
المقصود: أن لفظ الربا في هذا الحديث لا يكون خاصاً بالربا المعروف من ناحية المعاملات المالية؛ أما الربا بالنظر إلى ثبوته فتحريمه ثابت في القرآن وفي السنة بصرف النظر عن نوعية الربا. وعلى المسلم أن يحرص على السؤال عن الأمور التي يخشى الوقوع فيها ولا يحبها الله -جل وعلا- كما قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: « كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه ».
ومما يؤسف له حصول التساهل من كثيرٍ من الناس في مسألة الربا، وسواءٌ كان هذا الربا من ناحية المعاملات المالية؛كمن يودع أمواله ويأخذ عليها فائدةً ثابتة، أو يقترض عند الحاجة مائة ألف زيادة خمسة آلاف، ويعطونه خمساً وتسعين ألفاً ويخصمون عليه خمسة آلاف، تكون هذه هي الربح، فهذا كله لا يجوز؛ وهكذا بالنظر إلى تجاوز الإنسان ما حدّه الله -جل وعلا- من انتهاك المحرمات كما جاء في الحديث الذي سبق من ناحية التمثيل، وجاءت أدله كثيرة وما سبق فيه تنبيهٌ على المطلوب، وبالله التوفيق.