امرأة عمرها خمسون سنة، غير متزوجة، وتشعر بالغيرة والحسرة من المتزوجات
- فتاوى
- 2021-12-11
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (3348) من المرسلة السابقة، تقول: عمري يناهز الخمسين عاماً، وأنا غير متزوجة، وأشعر بالغيرة ممن هي متزوجة ولها أولاد، مع أني كنت شابة، وتقدم لي خطّاب كثر، فرفضت الزواج ممن تقدموا لخطبتي، والآن سبق السيف العذل، فكيف لي أن أبدد هذه الحسرة وهذا اليأس وهذا الشعور بالوحدة، وهل من نصيحة لأولياء الفتيات،وللفتيات لكي يعتبروا؟
الجواب:
لا شك أن هذه المسألة من المسائل المهمة، وهي مشكلةٌ من المشاكل المعاصرة، وذلك أن الزواج تحف به عوامل متعددة،
فالعامل الأول هو: الأب أو الولي، فالولي قد يكون عنده نزعةٌ طمعٍ، بمعنى: إنه يفرض مهراً باهظاً من المال، وقد يكون هذا الشعور الموجود عنده موجود ٌفي القرية التي هو فيها، أو في القبيلة التي ينتسب إليها، ولا شك أن هذه النزعة ليست من الأدب في شيء، ولا يجوز له أن يتجه الاتجاه؛ لأن الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - قال: « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير ». فينبغي على الآباء أن يتغاضوا عن هذا الطموح من جهة غلاء المهور.
بعضهم يشترط شرطاً واضحاً: يشترط سيارة له، أو مكينة ماء زراعية، أو غير ذلك من الشروط. المهم أنه يفرض شروطاً باهظة، وهذا أمرٌ لا يجوز له؛ لأنه أمينٌ على هذه المرأة، ومن الأمانة أنه إذا جاءه من هو مرضيٌ في دينه وأمانته فإنه يساعد على زواجها.
العامل الثاني: أم الزوجة، فقد يكون لها متطلبات شبيهة بمتطلبات الأب، فتشترط ملابس، وتشترط حليّاً، وهذا -أيضاً- لا يجوز لها أن تفعله؛ لأن هذا يبعد الشخص الذي جاء يخطب هذه البنت، فمفروض أنها لا تطلب شيئاً أبداً، إن جاءها شيءٌ بدون طلب تأخذهُ، وإلا فتسأل الله التوفيق لابنتها.
العامل الثالث: إن البنت بنفسها قد يكون عندها طموح من ناحية أنها تنظرُ أو تسمعُ إلى البعض الفتيات حينما تتزوج ويذكرون من مهرها ما يذكرون، وتقول: أنا لا أريد أن أكون أقل من بنت فلان وفلان، فتملي الشروط على أبيها وتقول: أنا لا أريد إلا زوجاً يفي بهذه الشروط، وعندما يأتي الزوج ويقرأ الشروط لا يستطيع الوفاء بها، بهذه الطريقة تبقى البنت معطلة؛ سواءٌ كانت الشروط من جهة الأب، أو من جهة الأم، أو من جهة الزوجة.
العامل الرابع: إن الأمور التي تحف بالزواج أمورٌ كثيرة، ففيه ما يسمّونه بالغمرة، والغمرة هذه تكون قبل ليلة الزواج؛ يعني: تكون في العصر، أو تكون قبل الزواج بيوم.
والغمرة هي: حضور احتفال نساء وفيه خسارة عظيمة تبلغ خمسين ألفاً، أو ستين ألفاً؛ كلها يقدم فيها أشياء للنساء اللاتي يحضرن، وهذا على حساب من؟ هذا على حساب الزوج.
وفيه ما يسمونه بالشبكة -أيضاً-. المهم أن فيه أموراً ابتدعها الناس تكون قبل الزواج، وواحد منها يكلّف مبالغ من المال، وهذا لا حاجة إليه.
أضف إلى ذلك الوليمة، فقد يشترط الأب، أو الأم، أو الزوجة، أن تكون الوليمة في فندق من الفنادق، أو يشترطون ذبائح معينة: عشرين، ثلاثين، خمسين، وهذا حاصل بالنظر إلى بعض الزواجات، فتشترط المرأة أن يكون الزواج في فندق، وعلى حساب الزوج، أو تكون وليمة كبيرة في القصر الفلاني، المهم أنهم يجعلون حوائل بين الزوج وبين الزواج.
ومن جهة الزوج نفسه، فبعض الأزواج يكرمه أهل الزوجة، ولكنه يتعسّف في بعض الشروط التي يشترطها على الزوجة، فكما أنه يوجد بعض العوائق من الأب، أو من الأم، أو من الزوجة؛ كذلك يوجد بعض العوائق من الزوج نفسه، أو من أمهِ، أو من أبيه، والمفروضُ أن مثل هذه المسائل يسعى في تيسيرها بقدر الإمكان؛ لما في ذلك من المصلحة للزوج، والزوجة، والأولياء، فوالد الزوج يستريح منه لأنه تزوج، ووالد الزوجة يستريح منها لأنها تزوجت، وينشأ عن هذا الزواج أن كلّ واحد من الزوجين يقوم بحقوق الآخر، ويرزقهما الله -جلّ وعلا- أولاداً، ولهذا الرسول ﷺ قال: « تزوّجوا الودود الولود فإني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة ».
ولاشك أن سعي الناس في تيسير الزواج يعتبر من أعظم العوامل التي تساعد على النمو في السكان، فإذا تقدم شخص إلى شخصٍ وكان مرضياً في دينيه وأمانة، ومأمون العواقب حسب ما يعرفُ عنه، وعن أسرته، فلا شك أن المسارعة في اغتنام هذه الفرصة من الأمور الشرعية. وبالله التوفيق.
المذيع: شيخ عبد الله، تشير إلى قضية ربما يقع فيها كثيرٌ من الفتيات بعذر مواصلة الدراسة، أو بعذر الحصول على الوظيفة، وما أشبه ذلك؛ تلك القضية التي تشير إليها صاحبة هذا السؤال أنها تقول: رفضت الزواج ممن تقدموا لخطبتي، والآن سبق السيف العذل، لعل للشيخ عبد الله تعليقاً على رفض الفتيات للخطّاب، ولا سيما إذا كانوا أكفاء من أجل الدراسة أو الوظيفة.
الشيخ: هذه مشكلة واقعة الآن؛ لأن بعض الشباب لا يكون متعلماً، ولا يريد من زوجته أن تكون متعلمة، أو أنه يكون متعلماً؛ ولكن يريد زوجةً تخدم أمه، وأباه، وإخوانه، وأخواته، وإخوانه، وأخواته كلهم يدرسون، ويريد أن تكون هذه المرأة خادمةً في البيت.
فعلى كلّ حال لكلّ مسألةٍ ظروفها وملابساتها، والأمر بالتعاون في ذلك مطلوبٌ شرعاً، ولا مانع من أن يتزوج الزوج المرأة، ويتركها تستمر في إكمال دراستها، وهذا لا يضره بل ينفعه؛ لأن المرأة إذا كانت متعلمة يكون أصلح له من جهة تربيتها لأولاده في المستقبل، وهي التي تكفيه في البيت؛ لأن المرأة إذا كانت جاهلة وأولادها يتعلمون لن تساعدهم؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه. والله -جلّ وعلا- قال: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى"[1]؛ فالمفروض أنه يحصل تعاونٌ بين الجانبين، وكلّ واحد يقدر مصلحة الآخر، ويسعى في تحقيقها. وبالله التوفيق.
المذيع: شيخ عبد الله لو سُئلتم: هل تفضلون أن تتزوج البنت، أو تتوظف، أو تواصل الدراسة، كيف يكون الجواب؟
الشيخ: إن هذا يختلف باختلاف الأشخاص، فقد تتوظف الزوجة وظيفة لا تتعارض مع مسؤوليتها في البيت؛ بمعنى: إن البيت يكون فيه أناسٌ كثيرون يقومون بمسؤولياته، وهي قد تساعدهم من الناحية المالية، إذا كان عليهم قصور. فالمقصود أن كلّ مسألة لها ظروفها وملابساتها. وبالله التوفيق.