حكم إعطاء الفلوس للأب الذي يصرفها في تعاطي المخدرات
- المواريث
- 2021-07-06
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5104) من المرسل ص، مقيمٍ في حفر الباطن، يقول: أنا ولله الحمد رجل ملتزم بأمور ديني أصلي وأصوم وأتابع برنامج نور على الدرب كل يوم ولله الحمد، أرجو من فضيلتكم أن تفتوني في أمري هذا: والدي طلق والدتي وأنا في الخامسة من عمري، وتركني أنا وإخوتي الاثنين عند خالي وأنا أكبرهم، ولم يصرف علينا ولم يفكر فينا ورجعت له أنا وإخوتي وأنا في الثامنة عشرة من عمري فقام والدي بتزويجي وكنت أرعى مصلحة البيت والمزرعة، وسافرت إلى المملكة العربية السعودية، وكنت أصرف على والدي والبيت، وفوجئت وأنا في سفري بأن والدي قد باع المزرعة بمبلغ خمسين ألف جنيه وصرفها على المخدرات، والآن يطالبني بمبلغ فهل يجوز لي أن أعطيه فلوس أم لا؟ علماً بأني أعلم أنه يتعاطى المخدرات كما قلت، ولا أدري ماذا أفعل وجهوني جزاكم الله خيراً علماً بأنه لا يصلي إلا الجمعة وبقية الصلوات يتركها، وقد نصحوه كثيراً ولكنه لم يستجب بحجة أنه صاحب مرض، فهل أسير معه كما كنت أم أتركه وحاله؟
الجواب:
أولاً: أن الله جل وعلا يقول: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ"[1] ويقول جل وعلا: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"[2].
ثانياً: أن ترك الصلاة كفرٌ مخرجٌ عن الإسلام، يقول الرسول ﷺ: « لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة », ويقول ﷺ: « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر»، ويقول ﷺ: « بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة »، فالصلاة ركن من أركان الإسلام.
ثالثاً: أن المخدرات محرمة لا يجوز للشخص أن يستعملها سواء كان ذكراً أو أنثى؛ لأنها مفسدة للعقل.
رابعاً: أن والدك على الصفة التي ذكرتها لا يجوز لك أن تعطيه شيئاً من النقود إذا كان يصرف هذه النقود فيما حرم الله جل وعلا.
خامساً: بإمكانك أن تناصحه وذلك بدعوته إلى الرجوع إلى الإسلام وإلى القيام بأركان الإسلام. وعندما يتعذر القبول منه فالهداية بيد الله جل وعلا، فإن الله يقول لنبيه ﷺ حينما قام الرسول ﷺ بدعوة عمه أبي طالب في آخر حياته يقول له: « يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، فقال: هو يموت على ملة عبد المطلب »؛ يعني: أنه لم يقبل هذه الدعوة، فأنزل الله جل وعلا: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ"[3].
فهداية الدلالة والإرشاد: هي التي بأيدي الرسل، وبأيدي أهل العلم.
أما هداية التوفيق والإلهام: فهي بيدي الله U، فنوح u ما هدى ابنه، وزوجة فرعون ما هدت فرعون ولوط u ما هدى زوجته وهكذا، فلا يقع في نفسك شيء من الأسى والحزن.
وبناءً على ذلك: فإنك تعتزله كما قال إبراهيم u حينما دعا أباه وامتنع أبوه عن قبول دعوته، قال إبراهيم عليه السلام: "وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا"[4], ولكن عندما يحتاج والدك إلى الكسوة فقط، أو إلى النفقة التي يأكلها فإنك تعطيه كسوة تشتريها وتعطيه أيضاً نفقة، لا تعطه نقوداً أصلاً، وإنما تعطيه كسوة وتعطيه شيئاً من المأكولات وتدعو له بالهداية. وبالله التوفيق.
المذيع: المخدرات فتكت بكثير من الناس وأصابتهم بالأمراض والفقر، لعل لفضيلتكم كلمة إضافية بالإضافة إلى ما تفضلتم به.
الشيخ: المخدرات عنصر من العناصر الموجودة في المجتمعات، ولكن وجود هذا العنصر يكثر أو يقل بسبب الأمور المحيطة به، فيقل إذا حصل تعاونٌ من رب الأسرة؛ لأن الذين يتناولون هذه الأمور لا بالنسبة للاستعمال، ولا بالنسبة للبيع والشراء هم أفراد من أسر، ولهم مرجع في أسرهم، فإذا حصل تعاون بين أفراد الأسرة في تجنب هذا الأمر من ناحية بيعه وشرائه وتوريده وكذلك من جهة استعماله، فإذا فرضنا كثرة تعاون الأسرة ينشأ عن ذلك عدم قبول هذا الأمر وبالتالي يمتنع إيجاده، وهكذا بالنظر لأفراد المجتمع كجيران الشخص إذا كانوا يعلمون منه هذا الشيء وإلى أصدقائه وما إلى ذلك.
فإذا حصل تعاون من جميع الجهات التي لها علاقةٌ بهذا الأمر فإنه يقل وقد يصل إلى درجة الزوال.
أما إذا حصل العكس وهو التساهل من الشخص في نفسه، والتساهل من الأسرة فيما بينها ومن الجيران، والتساهل بين أفراد المجتمع وبين جميع الجهات التي لها علاقةٌ في هذا الأمر وتعلم عنه ولكنها تتركه، ومما يحصل من ذلك انتشاره وكثرته.
والحكومة جزاها الله خيراً هي الدولة الوحيدة التي على وجه الأرض تحارب المخدرات على حسب الطريقة الشرعية، ولكنها تحتاج إلى تعاونٍ من جميع الجهات التي دونها حتى يزول هذا الأمر أو يقل. وبالله التوفيق.