Loader
منذ 3 سنوات

هل يلزم أهل مكة طواف الوداع ؟


الفتوى رقم (91) من المرسل السابق، يقول: أديت جميع المناسك بحول الله وقوته، وعند طواف الوداع قالوا لنا: لا تطف الوداع؛ لأنك مقيم في مكة، فإذا طفت الوداع لا يصح لك شراء ولا بيع ولا أن تبيت في مكة، وأنا بحكم عملي بقالاً في المواد الغذائية كل أسبوع نشتري من سوق مكة كل ما نحتاج إليه، فما الحكم في هذه الحالة؟

الجواب:

        أهل مكة ومن يبعد عنها دون مسافة قصر ليس عليهم طواف وداع، ومن كان يبعد عن مكة مسافة قصر فأكثر فيجب عليه طواف الوداع للحج, إلا أنه رخص للحائض والنفساء فأسقط عنهما طواف الوداع.

        فالسائل إن كان من أهل مكة يعني مقيماً فيها، هي بلده أو في بلد يقرب منها دون مسافة قصر فإنه يكون من أهل مكة وليس عليه طواف وداع.

        وإذا كان يبعد عن مكة مسافة قصر فأكثر فحينئذ يجب عليه أن يطوف للوداع إذا كان حاجًّا, وإذا تركه وهو واجب فعليه أن يشتري ما يجزئ أضحية ويذبحه في مكة ويوزعه على فقراء الحرم؛ لعموم قول ابن عباس: « من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فعليه دم »[1] وهذا لا يقوله بمجرد رأيه؛ لأنه ليس مما فيه مجال للاجتهاد؛ لأن هذا تشريع في باب العبادات ولا يدخله الاجتهاد, فثبت له حكم الرفع إلى النبي .

        أما ما ذكره السائل أن الشخص إذا طاف للوداع فإنه لا يجوز له أن يشتري شيئاً، فهذا ليس بصحيح.

        لكن المقصود أن الشخص إذا طاف للوداع فإنه لا يعدل عن نية السفر إلى نية الإقامة، أو يشتغل مثلا بعد طواف الوداع له فترة كثيرة من الزمن يشتغل في البيع والتجارة أو مثلاً، المهم أنه يصرف قصده ويصرف عمله, يعني من ناحية السفر إلى الإقامة، أو لا يصرف قصده عن السفر، ولكنه يشتغل مثلا فترة طويلة جدا في الأعمال التجارية، فهذا لا يكون آخر عهده بالبيت, وإنما آخر عهده التجارة، فحينئذ يجب عليه أن يطوف للوداع, أما الأعمال التي يعملها بعد طواف الوداع وهي يسيرة فاليسير مغتفر في الشريعة،وعلى هذا الأساس إذا طاف للوداع وعمل أعمالا يسيرة فإنه لا يؤثر على طوافه للوداع، وبالله التوفيق.



[1] أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الحج، باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئاً(1/419)، رقم(240).