رأيكم في السعي وراء الأسهم وكثرة اللهاث وراءها
- البيوع والإجارة
- 2022-03-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (12047) من المرسل السابق، يقول: ما رأيكم في السعي وراء الأسهم مع غض الطرف عن حكم التعامل بها وكثرة اللهاث وراء هذا الأمر، فما توجيهكم؟
الجواب:
الرسول ﷺ قال: « الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور متشابهات لا يعلموهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا ولكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه »، ويقول ﷺ: « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ».
ويقول ﷺ: « يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها. قالوا: أمن قلة يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، تنزع المهابة من قلوب عدوكم، ويوضع الوهن في قلوبكم، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهة الموت ».
وقال: «.والله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تفتح عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسها من كان قبلكم فتهلككم كما أهلكتم.. »[1].
وبناء على جميع الأحاديث: فإن الشخص مأمور بطلب الرزق، والله -تعالى- يقول: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}[2]، ويقول -جل وعلا-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}[3] إلى غير ذلك من الأدلة من القرآن ومن السنة الدالة على أن الإنسان يأخذ بالأسباب في طلب الرزق.
ولكن فالأسباب في هذه الشريعة منها أسباب مشروعة تترتب عليها مسببات مشروعة، وهي ما أشار إليه الرسول ﷺ بقوله: « الحلال بيّن ». وأسباب ممنوعة وما يترتب عليها ممنوع، ويشير إليها الرسول ﷺ بقوله: « والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات ».
فالشخص عندما يتعامل في هذه المعاملات المالية إذا كان واقع المعاملة معلوماً عنده، وأنه خالٍ من جميع الشوائب فإنه يقدم عليه؛ لأنه سبب مشروع، والكسب حلال. وإذا كان الأمر الذي يريد أن يقدم عليه حراماً واضحاً، أو فيه شبهة فإنه يتجنبه؛ عملاً بقوله ﷺ: « دع ما يريبك إلى مالا يريبك ».
أما كون الإنسان يتخبط في هذه الدنيا من ناحية الكسب ولا يميز بين الحلال والحرام؛ وإنما يهمه كثرة الرصيد؛ كشخص أبرم صفقة ربوبية بأربعين مليوناً، ولما جاء شخص ينصحه أجاب بقوله: إذا تجرنا يكون خيراً! ولا يغتر الإنسان أنه يجري صفقات ربوية ويحصل له أرباح، فهذا من باب الاستدراج كما في قوله -تعالى-: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}[4] وهذا عام في أهل الشرك، وعام في أهل الكفر، وعام أيضاً في أهل النفاق، وعام أيضاً فيمن يتجرأ على حرمات الله من كبائر الذنوب، ولهذا يقول بعض السلف: "إذا رأيت الله يعطي العبد وهو مقيم على معاصيه فاعلم أنما هو استدراج" فليحذر الإنسان من الدخول في هذه المتاهات التي لا يكون على بيّنة منها. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها (8/90)، رقم(6425)، ومسلم في صحيحه، كتاب الزهد والرقائق(4/2273)، رقم (2961).