Loader
منذ سنتين

ما الأسباب التي تعين على وجود لذة العبادة في القلب؟


  • فتاوى
  • 2022-01-09
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (8862) من المرسلة م. ي.ف، تقول: ما الأسباب التي تعين على وجود لذة العبادة في القلب؟

الجواب:

        كَثُرَ في القرآن أدلة تدل على توجيه الخطاب إلى القلب؛ كما في قوله -جل وعلا-: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ}[1]، وقال -جل وعلا-: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[2]، وفي الآية الأخرى: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[3]، والقلب المقصود هنا هو نور يقذفه الله -جل وعلا- بهذا القلب الصنوبري، هذا النور يتأثر بما يباشره الشخص من امتثال الأوامر واجتناب النواهي وهذا التأثر هو قوته، ويتأثر أيضاً بترك شيء من الأوامر بدون عذر شرعي، وارتكاب شيء من النواهي بدون عذر، فإذا عصى العبد ربه نكتت في قلبه نكتة سوداء، وهكذا، وهكذا،  حتى يصل القلب إلى أن يكون مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، ولهذا جاء في القرآن كثير يدل على تأثير ذلك؛ كما في قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[4] بل طبع الله عليها بكفرهم، إلى غير ذلك من بيان الأدلة الدالة على تأثير المعاصي على القلب، وإذا أثرت المعاصي على القلب فإنها تؤثر على الجوارح، وفي قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)}[5]، الخشوع يحضر عند الإنسان إذا كان ممتثلاً للأوامر ومجتنباً للنواهي، والإنسان له أعمال باطنة وأعمال ظاهرة، والأعمال الباطنة التي لا يطلع عليها إلا الله -جل وعلا- كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ}[6]، فالإنسان يخشى ربه بالغيب من ناحية أنه يتقيه في السر كما يتقيه في العلانية، والأخذ بهذه الأمور يجعل الإنسان عندما يصلي مثلاً يحصل عنده الخشوع، وعندما يحصل منه مخالفة فإن خشوعه يتأثر بقدر ما عنده من المخالفة، وعليه أن يستغفر الله -جل وعلا- وأن يكثر من التوبة، فإن الله -سبحانه وتعالى- يقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}[7]، وقد كان ﷺ « يستغفر في اليوم أكثر من مائة مرة »، وثبت عنه ﷺ أنه قال: « من قال في يومٍ وليلة سبحان الله وبحمده مائة مرة؛ غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ».

        فعلى الإنسان أن يستحضر هذه الأمور؛ لأنه قد يعصي وهو لا ينتبه إلى أن هذا العمل معصية، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (179) من سورة الأعراف.

[2] الآية (37) من سورة ق.

[3] الآية (89) من سورة الشعراء.

[4] الآية (14) من سورة المطففين.

[5] الآيتان (1-2) من سورة المؤمنون.

[6] من الآية (12) من سورة الملك.

[7] من الآية (53) من سورة الزمر.