Loader
منذ سنتين

ما النفس اللوامة؟وما الفرق بينها وبين النفس المطمئنة؟ وكيف السبيل إلى النفس المطمئنة؟


الفتوى رقم (4741) من المرسل السابق، يقول: ما النفس اللوامة؟ أي ما مواصفاتها؟وما الفرق بينها وبين النفس المطمئنة؟ وكيف السبيل إلى النفس المطمئنة؟

الجواب:

        النفس موصوفٌ، وكلمة مطمئنة، وكلمة لوامة، وكلمة أمارة بالسوء هذه صفات لهذه النفس، وهذه الصفات عُبّر عنها بهذه التعابير المختلفة مع أن الموصوف واحدٌ، فالصفات متعددة والموصوف واحدٌ، وتعدد هذه الصفات راجعٌ إلى الوظيفة التي تؤديها النفس.

        فالوظائف التي تؤديها النفس تارةً تكون هذه الوظائف متمشية مع امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، فلا تسلك هذه النفس مسلك الإفراط ولا تسلك مسلك التفريط، بل تكون ممتثلةً على الوجه الصحيح راجية ثواب الله تخاف عقابه، هذه نفسٌ مطمئنة فوُصِفت بهذا الوصف لامتثالها للأوامر واجتنابها للنواهي، ولهذا يقال لصاحبها: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)}[1]، فهذا جزاء لصاحب النفس التي تكون متصفة بهذا الوصف.

        عندما تخرج هذه النفس عن الطريق المستقيم تخالف أوامر الله جل وعلا وتفعل ما حرم الله جل وعلا تترك الصلاة، الزكاة، الصيام، تشرب الخمر، تفعل الزنا إلى غير ذلك من الأمور المخالفة لأوامر الله جل وعلا والمتبعة لما نهى الله جل وعلا عنه، هذه تكون موصوفة بأنها أمّارة بالسوء، لماذا؟ لأن العمل الذي تعمله في باب النواهي من الأعمال السيئة وما تتركه مما أمر الله جل وعلا يكون هذا الترك من الأعمال السيئة، وعلى هذا الأساس تكون هذه النفس أمارةً بالسوء، ولهذا في قصة امرأةِ العزيز قالت: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}[2].

        النفس اللوامة بعدما تقع النفس الأمارة بالسوء تقع في المخالفة؛ يعني: تترك الصلاة، تفعل الزنا، شرب الخمر وما إلى ذلك، بعدما تنتهي من هذا الأمر تأتي وظيفة النفس اللوامة تلوم صاحبها كيف يقدم على ترك أوامر الله وعلى فعل ما نهى الله جل وعلا عنه، والنفس اللوامة تكون بتسليطٍ من النفس اللوامة من جهة، والنفس الأمارة بالسوء من جهةٍ ثانية تكون من تسليط الشيطان على الإنسان ومن اتباع الهوى فتجتمع هذه الأمور الثلاثة على الشخص؛ النفس الأمارة بالسوء، والهوى والشيطان، ثم بعد ذلك تأتي النفس اللوامة بتسليطٍ من الشيطان تلوم صاحبها.

        وعلى العاقل أن يتنبه لنفسه وأن يكون حريصاً كل الحرص على اتباع أوامر الله جل وعلا وعلى ترك نواهيه؛ لأن ما يفعله من خيرٍ فهو له، وما يتركه مما نهى الله جل وعلا عنه يبتغي بذلك وجه الله جل وعلا ويخاف عقابه، هذا أيضاً أجره له، فهذه الأعمال أجرها راجعٌ إليه، والإثم الذي يترتب على هذه الأعمال إثمه عليه، فينبغي للعاقل أن تكون تصرفاته أسباباً لحصول الثواب له ولا تكون أسباباً لحصول الإثم عليه، ويسأل الله جل وعلا الإعانة على ذلك. وبالله التوفيق.



[1] الآيات (27-30) من سورة الفجر.

[2] الآية (53) من سورة يوسف.