والدي يطلب مني أن أطلق زوجتي دون مبرر شرعي، وقال لي: لا أرضى عنك، وطردني من المنزل وزوجتي ليس بها أي عيب، هل من توجيه؟
- الطلاق
- 2022-03-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (12012) من مرسل من المنطقة الجنوبية، من السعودية، يقول: والدي يطلب مني أن أطلق زوجتي دون مبرر شرعي، وقال لي: لا أرضى عنك، ولا أكلمك، ولا تسلّم عليّ ولا على والدتك وإخوانك، وطرده من المنزل حتى ينفذ له الطلب. وابنه يحاول إقناعه أنه لا يوجد سبب مبرر لفعل ما يريد. وأرسل بعض المصلحين لإقناع والده لكي يذهب إلى والده للسلام عليه لكن دون جدوى، مع العلم أن هذا الابن يعطي والديه شهرياً ألفي ريال من مرتبه حسب طلب والده. ويذكر أن زوجته ليس بها أي عيب غير أن والده لا يحبها ويكرهها، هل من توجيه؟
الجواب:
إذا نظرنا إلى هذه الشريعة وجدنا أن مصالحها مرتبة على امتثال المأمور وترك المنهي عنه، وأن مفاسدها مرتبة على ترك المأمور به دون عذر شرعي، وفعل المنهي عنه دون عذر شرعي؛ هذا من جهة التشريع، وهكذا من جهة تطبيق الناس للشريعة كل فيما يخصه، فلا يتصرف الشخص في أمر من الأمور إلا وقد علم الحكم فيه، فإذا كان الحكم يسّوغ تصرفه فإنه يتصرف، وإذا كان يمنعه فإنه يمتنع، يقول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[1] فلا يعيش الشخص عيشة عشوائية لا في تصرفه في نفسه، ولا في تصرفه ممن له عليهم أمر.
وإذا نظرنا إلى هذه المسألة التي سُئل عنها وهي مسألة تتعلق بالحياة الزوجية، فإننا نجد أطرافاً كثيرة تتدخل في هذه الحياة الزوجية، فأم الزوجة تتدخل، ووالد الزوجة يتدخل، وإخوان الزوجة يتدخلون هذا من جانب الزوجة؛ وكذلك من الزوج: أم الزوج، والد الزوج، وأخو الزوج وما إلى ذلك.
والواجب على جميع هؤلاء أنهم ينظرون في السبب الذي يتدخلون من أجله، فإذا كان السبب مشروعاً؛ بمعنى: إذا كانت الزوجة تعدت حداً من حدود الله وفعلت أموراً محرمة، وينصحون الزوج من ناحية اجتنابها؛ فهذا من باب النصيحة، ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ أما إذا كان من أجل أمور نفسية فالله -جل وعلا- يقول: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[2].
فكما أن الزوج مخاطب بعدم إخراجها من بيتها إلا بمبرر شرعي، والمرأة مخاطبة بأنها لا تخرج من بيت زوجها إلا بمبرر شرعي؛ فكذلك مَن دون ذلك الأب، الأم، الأخ، أو الابن من زوجة أخرى، وكذا بالنظر إلى الأقرباء من جهة الزوجة: أبيها، أو أمها، أو أختها؛ فعلى كل شخص أن يتقي الله -جل وعلا-.
وبناء على ذلك كله: فينظر فإذا كان طلب والدك مبنياً على سبب شرعي فلا مانع من طاعته، وإذا كان لم يبنَ على سبب شرعي وإنما هو من باب الظلم لها، فالله -تعالى- قال في الحديث القدسي: « يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً »، وقال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}[3] وقال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[4] فكما أن الله حرم الظلم على نفسه فهو محرم فيما بين العباد، ولا فرق بين كون الشخص ولداً أو أباً أو أماً وما إلى ذلك. وبالله التوفيق.