توجيه لشخص أسرف على نفسه بالذنوب، ثم تاب توبة نصوحاً
- فتاوى
- 2021-12-11
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (3425) من المرسل ب. ز. أ من الإمارات العربية المتحدة -أبو ظبي، يقول: ارتكبت كثيراً من المعاصي، والآن أحسّ بالألم، وكثيراً ما يؤنّبني ضميري على ما فعلت من تلك المعاصي، وأرجو من فضيلتكم التوجيه، وقد تبت توبةً نصوحاً.
الجواب:
من المعلوم أن الإنسان بشرٌ، وليس بمعصومٍ من أنه لا يقع بالمعاصي؛ ولكن الله -جلّ وعلا- فتح باب التوبة، وأمر بها، فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا"[1]، "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"[2]، والتوبة إن كانت من حقوق الله، فلا بد من الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه.
وإذا كان من حقوق الخلق، وكان من الأمور المالية فإنه يعيدها إلى أصحابها إن أمكن ذلك، فإن تعذّر أو خشي أنه يترتّب عليه مفسدةٌ أعظم؛ فإنه يتصدّق به بالنية عن صاحبه. وإذا كان قد اعتدى على عرض أحدٍ من ناحية سبّه، فإنه يستبيحه إن أمكن ذلك، فإن تعذّر أو خشي أنه يترتب عليه مفسدةٌ أعظم، فإنه يدعو له، وإن شاء أن يتصدّق عنه بنية أن الله -سبحانه وتعالى- يكفّر عنه ذلك، فهذا خير.
ومما يحسن التنبيه عليه: أن الشخص عندما تكثر عنده المعاصي، فقد يصاب باليأس في نفسه، ويقول: أنا أكثرت من المعاصي، وقد لا يغفر الله لي. فالله -سبحانه وتعالى- أرحم بالعبد من نفسه، وأرحم بالعبد من والده ووالدته، ومن الناس أجمعين، فينبغي للعبد أن يتوب إلى الله -جلّ وعلا-، وقد قال الله تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"[3]. وهذه الآية هي في التائبين، وليست التوبة خاصةً بذنبٍ دون ذنبٍ؛ بل على الإنسان أن يتوب فيما بينه وبين الله، وأن يحقق شروط التوبة، وأن يترك الأمر لله -جلّ وعلا- فهو أرحم به من نفسه.
وما ينبغي -أيضاً- التنبيه عليه في هذا الباب: أن الشخص عندما يتوب إلى الله -جلّ وعلا- فينبغي له أن يعدّل وضعه، وذلك بالإكثار من الأعمال الصالحة؛ فيحافظ على الفرائض، ويكثر من نوافل العبادات، سواءً كانت قوليةً، أو كانت فعليةً.
ويحرص -أيضاً- على مساعدة الناس بقدر ما يستطيع، أي: إنه كما كان سالكاً طريقاً معوجّاً، فإنه يعدّل هذا الطريق، ويسلك طريقاً سليماً. وكما رجع عن طريق المعاصي فينبغي أن يتّجه إلى طريق الطاعات، ويحرص -بقدر استطاعته- ألا يفعل شيئاً لا يرضي الله -جلّ وعلا-. وبالله التوفيق.