معنى العروة الوثقى والطاغوت في قوله تعالى:"فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا"
- التفسير
- 2021-10-05
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (2114) من المرسل م. أ. ع، يقول: ما معنى العروة الوثقى والطاغوت في قوله تعالى:"فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا"[1]، وفي قوله تعالى:"وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى"[2]؟
الجواب:
من أركان الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، فالعروة الوثقى هي لا إله إلا الله، ولكن لها مفهومٌ يشمل أركان بقية أركان الإسلام، فشهادة أن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام، كل هذه تابعة لتحقيق لا إله إلا الله، وهكذا سائر ما أمر الله به من أركان الإيمان أيضاً، ومن فروع الشريعة التي أمر الله بها، فجانب الأوامر إذا امتثله الشخص يكون قد حقق جزءاً من مدلول هذه الكلمة، وإذا اجتنب ما نهى الله جل وعلا عنه من الشرك الأكبر والأصغر والنفاق الأكبر، والنفاق الأصغر، الكفر الأكبر والكفر الأصغر، يعني سائر ما حرمه الله جل وعلا، يكون بذلك قد حقق الجزء الآخر، وإن كانت هذه الأمور متفاوتة بالنظر إلى تأثيرها على إيمان الإنسان، فمثلاً النفاق الأكبر يخرج الإنسان من ملة الإسلام، وكذلك الكفر الأكبر والشرك الأكبر، أما الشرك الأصغر ، فإنه ينافي كمال التوحيد، ينافي كمال لا إله إلا الله، ولكنه لا يخرج الإنسان من دائرة الإسلام، فإذا مات الشخص وهو لم يتب، فإما أن يعذبه الله وإما أن ينقص من حسناته عملاً بقوله تعالى:"إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ"[3]؛ لأن هذا راجعٌ إلى الله جل وعلا، أما كبائر الذنوب من المعاصي كشرب الخمر، والزنا، وقتل النفس، وغير ذلك من المعاصي، فإذا مات الإنسان ، ولم يتب منها ، فهذه تُنقص كمال ثواب التوحيد، والعبد تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء طهره في النار، وهكذا بالنسبة للصغائر التي يصر الإنسان عليها ويموت وهو لم يتب منها.
فتحقيق لا إله إلا الله، تحقيقٌ كامل، الناس فيه على درجات، درجة الإسلام، ودرجة الإيمان، ودرجة الإحسان، فمن بلغ درجة الإحسان فقد حقق هذه الكلمة تحقيقاً كاملاً من جهة امتثال الأوامر واجتناب النواهي، وإذا نزل عن ذلك إلى درجة الإيمان، أو نزل إلى درجة الإسلام فيكون عنده من تحقيق هذه الكلمة بقدر ما عنده من امتثال الأوامر واجتناب النواهي، وفي قوله تعالى:"وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى"[4]، يقصد من ذلك بيان أن تحقيق هذه الكلمة له شرطان أيضاً، الإخلاص، والمتابعة، ففي قوله تعالى: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ هذا من جهة الإخلاص، وفي قوله: (وهو محسنٌ) هذا من جهة المتابعة.
فإذاً تحقيق هذه الكلمة هو بالنظر إلى امتثال الأوامر واجتناب النواهي ، مع إسلام العبد قلبه إلى الله، وأن عمله موافقٌ لشرع الله جل وعلا، وبالله التوفيق.