Loader
منذ 3 سنوات

حكم الحجاب بدون تغطية الوجه


الفتوى رقم (1902) من المرسلة هـ، من عمان، تقول: ما حكم رفع الخمار أي التحجب ولكن بدون تغطية الوجه إذا كان الوجه بدون مكياج، أي أن الفتاة غير متبرجة، وما حكم الحجاب الذي يكون بغير اللون الأسود والملون؟

الجواب:

 ظاهرة تفسير الحجاب الذي ورد في القرآن وورد في السنة بأن المقصود به هو تغطية شعر الرأس، وأما الوجه، فلا يدخل في مفهوم الحجاب، هذا التفسير هو في الحقيقة من باب التحكم، والذي ينتسب إلى العلم ويفسر هذه الأدلة بهذا التفسير، ليس لديه مستندٌ لا من كتاب الله ولا من سنة رسوله ﷺ، ولا من إجماع الأمة؛ لأن الحجة في ذلك كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وإجماع الأمة، وحيث لم يوجد شيء من ذلك يستند عليه، فإن هذا التفسير في غير محله، والله جل وعلا بين في القرآن وجاء البيان أيضاً في السنة، من جهة الحجاب.

 والمقصود بالحجاب هو: تغطية الرأس وتغطية الوجه، ولهذا يقول الله جل وعلا:"وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ"[1]، فهل يمكن أن يقال إن المرأة إذا أرادت أن تنزل خمارها من فوق رأسها أن تجعله نازلاً من جانبي الوجه ثم بعد ذلك يوضع على الجيب؟هذا التفسير ليس بصحيح ؛ لأن تغطية الوجه جاء في ضمن هذا الدليل من باب دلالة التضمن، فإن دلالة الدليل قد تكون بالمطابقة، وقد تكون بالتضمن، وقد تكون بالالتزام، وإذا فسرنا الضرب هنا "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ"[2] بأنه شاملٌ لتغطية الرأس وتغطية الوجه يكون من باب دلالة المطابقة، وإذا جعلناه شاملاً للوجه يكون هذا من باب دلالة التضمن.

وعلى هذا الأساس تكون هذه الآية دالة على وجوب الحجاب، « وفي حجة الوداع نهى الرسول ﷺ المرأة أن تلبس القفازين، ونهاها أن تنتقب »، يعني تلبس لباساً على وجهها، تظهر منه إحدى عينيها من أجل أن تبصر الطريق، أو تظهر العينين معاً، وهو ما يسمى بالبرقع الآن، « وعائشة رضي الله عنها، بينت أن النساء كن يكشفن وجوههن في حجة الوداع »[3] وإذا رأين الرجال الأجانب تقول: سدلت إحدانا خمارها على وجهها، فهذا معروفٌ عند الصحابيات اللاتي أُمرن بالحجاب، "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ"[4].

        فعمل الصحابيات هذا هو التفسير ونهي الرسول ﷺ المرأة عن أن تلبس النقاب في الحج هذا أيضاً دليلٌ على أنهن كن يلبسن ذلك، يعني كن يغطين وجوههنّ، وكانت المرأة تخرج عينها مثلاً، فهذا دليل يدلنا من الناحية العملية أن الصحابيات كنّ يعرفن أن المقصود بالحجاب هو تغطية الوجه، ومنع الرسول ﷺ للمحرمة أن تلبس النقاب وكان هذا في حجة الوداع دليلٌ على أن الحجاب معروفٌ عند النّاس ؛ لأنه خاطبهم بهذا الخطاب، فهذا دليل على تقرر الحجاب، ولا يجوز للإنسان أن يتحكم في شريعة الله بناءً على الهوى المجرد، أو التعصب، أو بناءً على قصورٍ في العلم ؛ لأن كثيراً من الناس قد يعطي رأياً في مسألةٍ علميةٍ، وهو لم يستكمل ما تحتاج إليه هذه المسألة من الأدلة التي وردت فيها من جهة القرآن والسنة، وما تحتاج إليه هذه الأدلة من جهة فهم الدلالة منها، ومن جهة الربط بينها من ناحية العموم والخصوص، أو من ناحية الإطلاق والتقييد أوغير ذلك من الوجوه التي لا تخفى على أهل العلم في ذلك، بل يتخبط في المسألة ويعطي حكماً في وقتٍ وبعد ذلك يعطي حكماً آخر في وقتٍ آخر وهكذا، فلا يجوز للإنسان أن يقول في مسألةٍ من مسائل العلم وبخاصةٍ الذين يؤلفون وينشرون مؤلفات، لا يجوز لهم أن يكتبوا للناس في مسائل العلم إلا بعد أن يبذلوا التحري الكامل على حسب استطاعتهم، ويكون الواحد منهم مؤهلاً تأهيلاً علمياً يوصله إلى المقصود من جهة التحليل أو التحريم، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (31) من سورة النور.

[2] من الآية (31) من سورة النور.

[3] ينظر: سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب في المحرمة تغطي وجهها(2/167)، رقم (1833)، قالت عائشة: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه".

[4] من الآية (59) من سورة الأحزاب.