Loader
منذ سنتين

كلٌ صار يدّعى العلم مع قلة العلماء، من نأخذ منه؟


  • فتاوى
  • 2022-03-02
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (11628) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: في هذا الزمن تكاثرت الفتن كلٌ صار يدّعى العلم مع قلة العلماء، ما نصيحتكم؟ وممن نأخذ ونستفيد منهم في هذا الزمان؟

الجواب:

الله -سبحانه وتعالى- قال في محكم كتابه: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}[1]، والعلوم منها ما هو دنيويٌ، ومنها ما هو ديني، ومنها ما هو وسيلة إلى فهم كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.

والظاهرة العلمية الموجودة الآن هي ظاهرة الاتجاه إلى التخصص في علمٍ من علوم الشريعة؛ كتخصص الشخص في الحديث، أو في الفقه، أو في العقيدة، ويندر من يجمع بين هذه العلوم.

ومما يؤسف له أن السائل عندما يريد أن يسأل لا يتحرى من يكون صالحاً للإجابة عن سؤاله.

ومما يؤسف له -أيضاً- أن الشخص المسؤول لا ينظر في البنية التحتية العلمية التي عنده هل هي كافيةٌ للإجابة عن هذا السؤال، ثم إن الأسئلة تكون متنوعةً، فمنها أسئلةٌ افتراضية، وهذه لا ينبغي أن يجاب عنها؛ لأن المسائل الافتراضية يصعب تحديدها لا من جهة الذي فرضها وهو السائل، ولا من جهة المسؤول، فيعرض عنها السائل وإذا لم يعرض السائل فإنه يعرض المسؤول.

ومن الأسئلة أن يسأل الشخص عن أمرٍ عامٍ، وتطبيق الإجابة ليس من اختصاصه، فينبغي للسائلِ ألا يسأل هذا النوع، وينبغي للمجيب ألا يجيب عن هذا النوع.

ومن الأسئلة التي لا تعني السائل كما في قوله ﷺ: « من حُسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه »، فقد يأتي ويسأل عن أمورٍ تتعلق بالناس آخرين وهذا ليس من الأمور التي تعنيه.

وقد يكون الشخص وسيطاً في السؤال، أو يكون متطفلاً في السؤال عن مسألةٍ لشخصٍ آخر، لكن هذا الوسيط لا يمكنه أن يحدد الواقعة، وهذا المتطفل لا يمكنه أن يحدد الواقعة، والذي ينبغي هو أن يعرض هذا السائل وهذا المتطفل.

ومن الأمور التي يحصل السؤال عنها أن يتروى الشخص في مسألةٍ علميةٍ، يتروى فيها من جهة البحث العلمي، ويأتي للاستكشاف والاطلاع على مستوى هذا الشخص الذي يعني الشخص المسؤول وليس المقصود هو العلم.

وبناءً على ذلك فإن الشيء الذي ينبغي أن يجاب عنه هو نوعان من الأسئلة:

أما النوع الأول: فهو المسألة الواقعة، ويتحرى السائل من يكون أهلاً للإجابة، وكذلك المسؤول عندما يُسأل إذا لم يكن متمكناً من الإجابة، فالله -سبحانه وتعالى- قال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} إلى أن قال: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[2]، فقد يجيب على سبيل حب الظهور وأنه عنده قدرة على الإجابة؛ لكن لا تكون إجابته صحيحة لقلة العلم الذي عنده.

وكثير من الذين يُسألون لا يدققون في تحديد الواقعة؛ فيكون السؤال مجملاً ويأتي الجواب مجملاً، وعندما ترى تطبيق الجواب على السؤال لا تجده تماماً؛ لأن السؤال ليس بمحرر والجواب ليس بمحرر.

والنوع الثاني: أسئلة يحتاج إليها طالب العلم من الناحية العلمية، فإذا سأل عن مسألةٍ علمية وجدها في كتاب، فبإمكان المسؤول أن يطلب منه أن يأتي بالكتاب ويقرأ المسألة فإذا فهم السائل يقول له: هذا فهمي منها؛ أما مجرد الانطلاق في الأجوبة من غير تحرير بالنسبة للسؤال وبالنسبة للتمييز بين السؤال الذي ينبغي أن يُجاب عنه والسؤال الذي لا ينبغي أن يجاب عنه، فعلى كلٍ من السائل أن يتحرى من يسأله، وعلى من يُسأل أن يتقي الله، وعليه أن يحدد السؤال الذي يمكن أن يجيب عليه، وليعلم أن هذا السؤال مسجلٌ في صحيفة عمله، وأن هذا الجواب مسجلٌ في صحيفة عمله، وأن الله سيسأله يوم القيامة لمَ قلت هذا؟ لمَ فعلت؟ وكيف فعلت؟ وبالله التوفيق.



[1] من الآية (76) من سورة يوسف.

[2] من الآية (33) من سورة الأعراف.