Loader
منذ سنتين

الأمور التي تعين على حفظ القرآن الكريم


الفتوى رقم (3477) من المرسلة السابقة، تقول: دلّوني على ما يستعان به على حفظ القرآن الكريم.

الجواب:

 الشخص عندما يريد أن يحفظ القرآن، يحتاج إلى إتقان قراءة القدر الذي يريد أن يحفظه، يحتاج إلى أن يتقن قراءته نظراً، بمعنى: يتقن أداء الحروف، قبل أن يبدأ بحفظ هذا المقطع.

وإذا أراد الشخص أن يحفظ القرآن، وأتقن قراءته نظراً، فمن الأمور التي تسهل حفظ القرآن عن ظهر قلبٍ، أن الشخص يحدد الموضع من السورة. وقد اعتنى كثيرٌ من المفسرين في تفاسيرهم بتحديد المواضع، بمعنى: إنهم يذكرون الآيات التي تتعلق بمقطعٍ واحدٍ فقط، ويتكلّمون عليها ويفسّرونها، ثم يأتون بالمقطع الثاني، والمقطع الثالث، وقد يكون الموضوع طويلاً، وينقسم هذا الموضوع إلى مجموعةٍ من العناصر، وكلّ عنصرٍ منها يشتمل على آيتين أو أكثر، فقد يقسّمون الموضوع إذا كان واسعاً إلى عدة عناصر، وكلّ عنصرٍ يذكرون آياته على سبيل الانفراد، وحينئذٍ يحتاج الشخص إلى أن يقرأ تفسير الآيات التي يريد أن يحفظها، فيحدّد المقطع عن طريق تحديد مفسّر من المفسّرين، كابن كثير فإنه جرى على هذا المجرى، فيحدّد الآيات التي يريد أن يحفظها عن طريق المفسّر، وبعد ذلك يقرأ تفسيرها؛ لأن ابن جرير -رحمه الله- يقول:(عجبت لرجلٍ يحفظ القرآن وهو لا يعلم معناه). فحينئذ يتعلم المعاني. والصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يحدّدون عشر آيات، فيتعلّمون معناها أولاً، ثم يحفظونها ثانياً.

والإنسان بعد إتقان القراءة نظراً، وتحديد المقطع، ومعرفة تفسير الآيات من ناحية الإخراج والتركيب؛ بعد ذلك يأتي تكرار هذا الشيء الذي يريد أن يحفظه، والناس يتفاوتون في الحفظ، فمنهم من يكفيه قراءة مرة واحدة، ومنهم من يكفيه مرتان، ومنهم من يردد الشيء إلى خمسين مرة، حتى يستقر في حافظته؛ فكلّ شخصٍ يختبر نفسه بالعدد الذي إذا كرّره للحفظ يكفيه، ويجري على هذا المجرى. ثم بعد ذلك تأتي مرحلةٌ أخرى، وهي مرحلة المحافظة على ما حفظه منه، وفي كلّ يومٍ يرتّب له قدراً معيناً على هذه الطريقة.

 فتبيّن من هذا أنه يحتاج إلى إتقان قراءته نظراً، ثم تحديد الموضوع الذي يريد أن يحفظه، ثم قراءة تفسير هذا الموضوع، ثُم تكرار هذا الشيء الذي عرف تفسيره، ويكرّره بقدر ما يحفظه.

والمرحلة الخامسة هي مرحلة المحافظة على ما حفظ، والمحافظة تكون بقراءته في الطريق، أو بقراءته والإنسان جالس مع الناس فيما بينه وبين نفسه، وكذلك قراءته في الفرائض السرية؛ كقراءته في ركعتي الظهر الأوليين، وركعتي العصر الأوليين، وكذلك قراءته في النوافل التي يؤديها في الليل، ويؤديها في النهار. وإذا سار على هذه الطريقة، فالله -سبحانه وتعالى- يقول: "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ"[1].

وينبغي أن يعلم أن القرآن له فضلٌ عظيم، وحروفه تزيد على ثلاثمائة ألف حرف، والإنسان إذا قرأ حرفاً من حروف القرآن فالحسنة بعشر أمثالها، فكما أنه يستفيد من ذلك حفظه، فهو يستفيد من ذلك الأجر العظيم. وبالله التوفيق.



[1] الآية (17) من سورة القمر.