Loader
منذ سنتين

تسبب الممرضة في وفاة أحد المرضى بخطأ طبي


الفتوى رقم (5058) من المرسلة، أ. م تقول: إني موظفة في أحد المستشفيات، فمن حوالي أربعة عشرة سنة دخل علينا رجل مسن مريض، وقد كتب له الطبيب على علاج ومن ضمن العلاج إبرة عضل وأمر بعمل تجربة للحساسية وهذه الإبرة البعض لا توجد لديهم حساسية منها، ولقد أعطيت هذا المريض إبرة بدون تجربة للحساسية ظناً مني أنه لا يتسبب له شيء، ولكن حدث أن المريض حدث له حساسية من الإبرة وتأثر المريض من الإبرة ومن المرض أيضاً الذي كان معه، وبعد فترة من الزمن حوالي أسبوع تقريباً أو أسبوعين توفي المريض، ويعلم الله أني نادمة أشد الندم على فعلتي هذه، وضميري يؤنبني وأريد أن أكفر عن خطيئتي، ويعلم الله أني قد سألت بعض العلماء فأفتوني بصيام شهرين متتابعين، ولكن الدية لم يفتني فيها أحد وطلبوا مني أن أرسل إليكم هذه الرسالة لعلي أجد عندكم الجواب، علماً بأني لا أملك إلا راتبي وفي الختام أرجوا منكم الدعاء.

الجواب:

        إذا كان الواقع كما ذكرته السائلة من جهة أن الطبيب المختص أرشدها إلى أنها تجري تجربة لجسم هذا المريض من جهة خلوه من الحساسية، وإذا تبين خلوه من الحساسية فإنها تعطيه هذه الإبرة، وإذا كان فيه حساسية فإنها تمتنع من ضرب الإبرة، وقد عملت على خلاف ما أرشدها الطبيب المختص، فأعطت المريض إبرة بدون إجراء تجربةٍ، هي بهذا العمل تكون قد فرطت وأساءت وبناءً على أنه انعقد سبب وفاته يعني أن سبب وفاته مضافٌ إلى هذا العمل الذي عملته فتجب الدية على عاقلتها ويجب عليها العتق فإن لم تستطع فالصيام، وبما أنها صامت شهرين متتابعين بنية هذه الكفارة فحينئذٍ تكون قد أدت الواجب عليها، أما الدية فإنها على العاقلة. وبالله التوفيق.

        المذيع: تبرز على بعض الصفحات من الصحف أن هناك أخطاء طبية، والأخطاء الطبية ربما ناجمة عن مثل هذا التهاون الذي وقعت فيه هذه المرأة، ما تعليقكم على هذا؟

        الشيخ: علم الطب كغيره من العلوم الأخرى، والله جل وعلا يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[1].

        وكل عالمٍ مختصٍ في جانبٍ من جوانب علوم الدين أو علوم الدنيا، تكون عنده خبرةٌ ودرايةٌ بهذا العلم، والناس في كل علمٍ من العلوم يتفاوتون في مراتبهم بهذا العلم، ويوجد معهم أيضاً أشخاصٌ يعاونونهم وأداءُ هذا العلم من الناحية النظرية ومن الناحية التطبيقية، سواءٌ أكان الأداء من الناحية النظرية والتطبيقية أداء غايةٍ أو أداء وسيلة، فإنه يتعين على من يقوم بأداء العلم نظرياً وتطبيقياً غاية أو وسيلة، أن يبذل ما يستطيع بذله من الوصول إلى حالةٍ مُرضية فيما يريد أن يُعلّمه في الناحية النظرية أو يطبقه من الناحية التطبيقية.

        وعندما يبذل وسعه، ويحصل منه خطأ، وله جهة اختصاصه التي تقّوم هذا العمل وتقيّمه، وبالتالي ترى هل يترتب عليه عقوبة أم لا؟

        أما الذين يساعدون هؤلاء المختصين فإنه يجب عليهم أن يسيروا مع الطريق الذي يبينه لهم العلماء المختصون في هذا الفن وألاّ يتجاوزا هذا الطريق لا على سبيل الإفراط اجتهاداً منهم ولا على سبيل التفريط إهمالاً منهم.

        وعندما يحصل خطأٌ منهم نتيجة التطبيق على وفق ما رسم لهم، فالمرجع في ذلك جهة الاختصاص التي يرتبطون بها، وهي التي تحاسبهم على هذا العمل.

        أما إذا خرجوا عن هذا الطريق بطريق إفراطٍ أو بطريق تفريط، يكونون بذلك قد باشروا السبب الذي ترتب عليه أثرٌ غير محمودٍ في كثيرٍ من الحالات، وعلى هذا الأساس يحاسبون على قدر هذا التجاوز، ويرتب عليهم ما يستحقون تأديباً لهم من جهة وردعاً لأمثالهم من جهة أخرى. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (43) من سورة النحل.