Loader
منذ 3 سنوات

حكم كشف المرأة لوجهها عند الطيب للعلاج


الفتوى رقم (1414) من المرسل س. م. ع من مصر العربية، يقول: هل يجوز للفتاة أن تكشف عن وجهِها عندما تكون محتاجة للعلاج عند الطبيب؟

الجواب:

        هذه المسألة من المسائل التي تعُم بها البلوى بالنظر إلى ما يعرض للإنسان من مرض، ويحتاج إلى علاجه في مستشفى من المستشفيات، وهذا الموضوع يحتاج إلى شيءٍ من التفصيل، وبيان ذلك أن بعض المستشفيات يحصل عند بعض الأشخاص الذين يوزّعون المرضى والمريضات على الجهات المختصة، يصرِفون بعض النساء إلى بعض الأطباء، ويصرفون بعض الرجال إلى بعض الطبيبات، ولا شك أن هذا من حيث الأصل إساءة في التوزيع؛ لأن الأصل في الشريعة أن الرجل يُعالجه رجل، وأن المرأة تُعالجها امرأة.

        وبناءً على هذا الأصل، فإن المرأة إذا عرض لها عارض من العوارض يحتاج إلى إجراء كشف وتشخيص المرض والعلاج؛ فإنها تُراجع من تكون مُختصّة للنساء من أجل أن تُجري لها ما تراه لازماً في حدود قدرتها، أو أنها تُحيلُها إلى من هو أعلى منها من النساء في الاختصاص. وإذا تعذر وجود امرأة تقوم بتشخيص المرض وبعلاجه فإنه لا مانع من أن تكشف المرأة عند رجلٍ مسلمٍ، ويكون معها محرمها، ومما يُؤسف له أن بعض أولياء أمور النساء يتركها تذهب منفردةً إلى المستشفى، أو يُرسلها مع سائق من السائقين وليس محرماً لها؛ وكأنها لا تعنيه لا من الناحية الشرعية، ولا من الناحية العُرفية، ولا من الناحية الأدبية، ولا من الناحية الاجتماعية، ولا من الناحية الأخلاقية؛ يعني: كأنها متاعٌ عنده في البيت؛ لكن قد يُحافظ على المتاع محافظةً أكثر من محافظته على المرأة، والمفروض أن محرمها يكون معها في حالة ما إذا اضطُرت إلى الكشف عند طبيبٍ مسلمٍ، وإذا دعت الحاجة إلى أن يرى الطبيب منها شيئاً من بدنها من أي موضع كان؛ فإن هذا يجوز عملاً بما جاء من الأدلة الدالة على مشروعية التداوي والأخذ بالأسباب العادية، وما جاء من الأدلة الدالة على أن هذه الشريعة شريعة يسر وسماحة وسهولة.

        وقد تقرر من مجموع الأدلة التي جاءت في هذا الباب، قاعدة عظيمة إذا طبقها المسلم على حياته عاش في يسرٍ وسهولة واطمئنان، ولم يقع عليه حرجٌ في حياته، وهذه القاعدة هي قاعدة: المشقة تجلب التيسير، ومما تفرع عن هذه القاعدة من القواعد التي لها علاقة وثيقة بهذه المسألة التي سأل عنها السائل، الضرورات تُبيح المحظورات؛ ولكن هذه القاعدة ليست على إطلاقها، فقتل النفس بغير حقٍ لا يحل ضرورة، والزنا لا يحل بدعوى الضرورة، والشرك بالله لا يحل بناءً على دعوى الضرورة.

        فالمقصود أن هذا السائل إذا دعت الضرورة إلى أن يكشف على موليته رجل مسلم يكون معها محرم، فإن تعذر المسلم فيكشف عليها طبيبٌ ولو كان كافراً، وهذا بعد تعذُر كشف المرأة عليها. وبالله التوفيق.