Loader
منذ سنتين

أمثلة لتوضيح المراد بحفظ الضروريات في الدين


الفتوى رقم (11281) من المرسل السابق، يقول: المرجو منكم ضرب أمثلة لتوضيح المراد في حفظ الضروريات في الدين الإسلامي.

 الجواب:

        الضروري هو: الذي لا يمكن أن يستقيم أمر الفرد، أو أمر المجتمع، أو أمر الأمة بكليتها.

        وعندما نقول الضروريات الخمس، هذه ننظر إليها نظر عام، وينظر إليها نظراً خاصاً.

        والضروريات الخمس هي: حفظ الدِّين، وحفظ النفس، وحفظ العرض، وحفظ العقل، وحفظ المال.

وحفظ هذه الأمور الخمس، أو لكلّ واحد من هذه الخمسة يكون بأمرين:

        أما الأمر الأول: فهو المحافظة عليها من جانب الوجود.

        والأمر الثاني: المحافظة عليها من جانب العدم، وكلمة بجانب العدم يقصد منها أنها لا تنعدم.

        فإذا نظرنا إلى المحافظة على الدِّين:

        وجدنا أن الله -سبحانه وتعالى- شرع الجهاد، وهذا محافظة عليه من جانب الوجود. وإذا نظرنا إلى المحافظة عليه من جانب العدم وجدنا حكم المرتد وما يتصل بهذا؛ وكذلك حكم المحاربين وما إلى ذلك. فكلّ شخص يعتدي على بيضة الإسلام ويحكم عليه، فالحكم عليه هذا محافظة على الدِّين من جانب العدم.

        وإذا نظرنا إلى المحافظة على النفس:

         وجدنا أن الله -سبحانه وتعالى- في محكم كتابه العزيز: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}[2]؛ بمعنى: إن الله هيأ للناس ما يحتاجون إليه من الملابس والمساكن والمآكل والمشارب؛ بحيث إنها لو عدمت لحصل عليهم ضرر عظيم؛ فهذا محافظة على النفس من جانب الوجود؛ وكذلك نجد أن الله حرم الاعتداء على النفس إلا بحق.

        وإذا نظرنا إلى جانب المحافظة عليها من جانب العدم وجدنا الله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[3]، ويقول: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}[4].

        فالله -سبحانه وتعالى- شرع القصاص؛ سواء كان في النفس أو في الأطراف؛ وذلك من أجل المحافظة على النفس من جانب العدم.

        وأما بالنظر إلى المحافظة على النسل والعرض وما إلى ذلك:

        فنجد أن الله -سبحانه وتعالى- شرع الزواج، وشرع -أيضاً- الطلاق وما يتصل بذلك؛ هذا محافظة عليه من جانب الوجود.

        وإذا نظرنا من جانب العدم وجدنا أن الله -تعالى- حرّم الزنا، ورتب عليه الحد؛ سواء كان الإنسان محصناً، أو غير محصن؛ وكذلك رتب حد القتل وما إلى ذلك؛ فهذا محافظة على العرض وعلى النسل من جانب العدم.

        وإذا نظرنا إلى العقل:

        وجدنا أن الله -سبحانه وتعالى- هيّأ لإنسان ما هيأه لنفسه من جهة المأكل والمشرب والملبس؛ فكما أن البدن يستفيد من ذلك فكذلك العقل يستفيد من ذلك. ونرى -كذلك- أن الله حرم جميع الأمور التي من شأنها أن تضر بالعقل؛ هذا محافظة من جانب العدم. ورتب حد الخمر وهذا من أجل المحافظة على العقل من جانب العدم.

        وإذا نظرنا إلى المحافظة على المال:

        من جانب الوجود وجدنا أن الله -سبحانه وتعالى- بيّن المكاسب الطيبة، وحرم المكاسب التي تضر الإنسان؛ مثل: الربا والرشوة وما إلى ذلك. ثم وجدنا أن الله -سبحانه وتعالى- رتب حد قطع اليد في السرقة؛ وذلك من أجل المحافظة على المال من جانب الوجود، فحرم السرقة ورتب عليها هذا الحد.

        فهذه أمثلة لهذه الضروريات الخمس من جانب الوجود ومن جانب العدم. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (29) من سورة البقرة.

[2] الآية (172) من سورة البقرة.

[3] من الآية (179) من سورة البقرة.

[4] من الآية (178) من سورة البقرة.