Loader
منذ سنتين

حكم الترخص برخص السفر إذا كان السفر مريحاً


الفتوى رقم (3361) من المرسل م. د من السودان، يقول: إذا كنت مسافراً في شهر رمضان، والمسافة مسافة قصر؛ أي: إنها تصل إلى تسعين كيلو متر؛ لكن أسافر على مركبٍ مريح؛ مثل: الحافلات، والطائرات، والقاطرات الحديثة التي نشاهدها في عصرنا هذا، فهل لي أن أفطر في هذه الحالة؟

الجواب:

 من قواعد الشريعة أن المشقة تجلب التيسير، وبني على هذه القاعدة فروعٌ كثيرةٌ، فجميع مسائل الرخص الموجودة في الشريعة مبنية أو متفرعة عن هذه القاعدة، وفي الشريعة الحكمة، ومن هذه الحكمة ما جاء في هذه القاعدة، وهو أن الشارع حينما يسّر للناس يسَّر لهم الرخص بدلاً من العزائم؛ لأن الأخذ بالعزائم فيه مشقةً عليهم، والمشقة قد تكون في الجنس، وقد تكون في النظر، وقد تكون العين؛ ولكن لا يشترط وجودها في كل عينٍ من أفراد الجنس، وفي كل عين من أفراد النوع، بل يكفي أن تكون المشقةُ موجودةً في الجنس، أو موجودة في النوع؛ لأنه ليس من شرط الحكمة أن تكون موجودة في كلّ فردٍ من الأفراد؛ بل تكون موجودة من حيث الجملة، وقد يوجد فرعٌ من الفروع لا يوجد فيه مشقةٌ أصلاً؛ ولكن بالنظر إلى أن صورته داخلة في الأصل، فكونه لا مشقة فيه، هذا لا يمنع من الأخذ بالرخصة في ذلك، وعلى هذا الأساس ينبغي أن ينظر الإنسان إلى الوضع الذي هو فيه، فإذا كان ممن تحقق فيه السفر، يعني: إذا تحققت فيه علة السفر الشرعي، فلا مانع من الأخذ بالرخص، فإن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته، والأخذ بالرخص فيه رضى وانقياد من المكلف، فكما أنه يصلّي الظهر ركعتين حينما يكون مسافراً، يرضى بذلك ويسلّم كما يصلّي في الحضر أربعاً، يعني: إن قلبه ينقاد للأخذ بالرخص؛ كانقياده بالأخذ بالعزائم، ولا يكون في ذلك حرج.

بعض الجهلة لا يرضون بالتيمم في البرِّ، ولا يرضون بالصلاة ركعتين، ولا يرضون بالإفطار، يكون في نفوسهم حرج، والمسلم ينقاد، ولهذا يقول الله -جلّ وعلا-: "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"، هذا في مجال الأحكام عامةً، كما أنه ينقاد إلى العزائم في الوقت الذي شرع له أن يأتي بالعزائم. وبالله التوفيق.