Loader
منذ 3 سنوات

السبب في كثرة المشاكل العائلية رغم توفر وسائل الراحة.


  • فتاوى
  • 2021-07-31
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (6831) من المرسل م.ع. من الرياض يقول: في زمننا هذا كثرت المشاكل العائلية رغم وجود كل الوسائل المتاحة للراحة، ومع ذلك لا يخلو بيت من الخلاف بين الزوجين أو الأبناء، هل هذا دليل على البعد عن منهج الله أم للهجمة الإعلامية الغربية الشرسة دور في هذا الأمر؟

الجواب:

        الشخص عندما يتكلم تارة يتكلم من منطلق شرعي، وتارة من منطلق عادي، وتارة من منطلقٍ عقلي، ولا شك أن الأمور التي ترد على الشخص لها تأثيرٌ على شخصيته؛ ولهذا جاء في الحديث: « كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه »، وهذا فيه تنبيهٌ على تأثير الأمور التي ترد على الشخص، وهذه الأمور التي ترد على الشخص تارةً تكون موافقةً للفطرة: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ"[1]، وإذا كانت هذه الأمور الواردة على الإنسان لا تتعارض مع الفطرة وإنما تكون موافقةً لها -والمقصود بالفطرة هنا الفطرة السليمة- فهذه تقوي شخصية الإنسان وتقوي قلبه، تقوي بصره، تقوي سمعه، تقوي لسانه، تقوي فرجه، تقوي بطنه، تقوي سائر جسمه. وليس المقصود بالقوة -هنا- القوة الحسية؛ وإنما المقصود القوة المعنوية، فقوة السمع تمنع الإنسان من سماع ما حرم الله ويسمع ما أباحه الله أو ما أوجب الله سماعه، يمتنع البصر عن النظر إلى ما حرم الله وينظر إلى ما أباحه الله له؛ وهكذا سائر الجوارح، وهكذا سائر البدن، فحركاته وسكناته، إقدامه ووقوفه تابع لما يرضي الله -جل وعلا-؛ هذه هي القوة المعنوية.

        أما إذا كان الإمداد الذي يأتي إلى الشخص يكون إمداداً خبيثاً مثل ما هو موجودٌ الآن في كثيرٍ جداً مما يُبث من القنوات الفضائية، ويكون موجوداً في كثيرٍ من البيوت تستقبله الزوجة، تستقبله البنت، يستقبله الولد في حضور ولي أمرهم أو في غيبته، فلا شك أن هذا يؤثر على السمع وعلى البصر وعلى سائر الجوارح؛ لكنه تأثير معاكس للفطرة، فتجده يرتاح من النظر، ومن الاستماع، ومن النطق، ومن تناول ما حرم الله -جل وعلا- يتلذذ في ذلك: "زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ"[2] يرتاح من هذه الأمور ويتضايق من الأمور الدينية.

        على هذا الأساس عندما يحصل خلافٌ بين الزوج وزوجته، بين الولد وأبيه، بين الأخ وأخيه مثلاً عندما يحصل خلاف كل إناءٍ ينضح بما فيه، فكل شخص يتكلم حسب الرصيد الذي عنده، فإذا كان رصيده رصيداً شرعياً تكلم في حدود الأمور المشروعة، وإذا كان رصيده من الأمور التي اعتادها الناس وهي أمورٌ قبيحة ونشأ عنها إفساد العقل، فحينئذٍ يتخبط الإنسان فيما يقول. وعلى كل حال فالإنسان بشر يخطئ ويصيب.

        والمرجع في معرفة الخطأ والصواب إلى كتاب الله -جل وعلا- وسنة رسوله ﷺ، فمتى حصل خلافٌ بين شخصين من أفراد العائلة فلا بدّ من تحديد أسباب هذا الخلاف والنظر في هذا الخلاف هل هو خلافٌ يستحق النظر؟ أم أنه خلافٌ من الخلافات المستبعدة؟ وبالله التوفيق.



[1] من الآية (30) من سورة الروم.

[2] من الآية (24) من سورة النمل.