Loader
منذ سنتين

كلمة توجيهية للمعلمين بأن يربطوا الدراسة النظرية بواقع حياة الطلاب من حيث التطبيق


  • فتاوى
  • 2022-02-02
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (10513) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: أنا مُعلّم وأدرّس جميع المراحل الدراسية، ومما لاحظته أننا نتعلم الدين لكن للأسف تعليم نظري، هل من كلمة توجيهية منكم للمعلمين بأن يربطوا الدراسة النظرية بواقع حياة الطلاب من حيث التطبيق فهو شبه معدوم؛ حيث يلقي المعلم الدرس ويخرج وكأن هذا المقصود من الدراسة؟

الجواب:

        لا شك أن التعليم رسالة عظيمة، وأن المدرس يعتبر راعياً على الطلاب، ويعتبر مؤتمناً على العلم الذي يدرسه الطلاب. والرسول ﷺ يقول: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ». و « كل » هذه من صِيغ العموم فقوله: « كلكم راعٍ » بيّن فقال: « الإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته ومسؤولٌ عن رعيته » إلى أن قال: « ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ».

        فكل شخصٍ قيادي لأفرادٍ من الناس لا شك أنه راعٍ لهم. ومن جهة الأمانة الله -سبحانه وتعالى- يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[1].

        وبناءً على ذلك فالمعلم لا بد أن يكون عالماً بما يعلمه، ويكون عاملاً بما يعلمه؛ لأن عمله يكون وسيلة من وسائل قبول علمه، وإلا فقد يعلم الشيء بأنه واجب أو بأنه حرام؛ ولكنه هو يترك هذا الواجب ويفعل هذا الحرام، وقد يعمل هذا ويكون بمشاهدة جميع الطلاب، وقد يُحلّل لهم هو الحرام ويحرّم الحلال نتيجةً للجهل الذي عنده! بعد ذلك يُعلّم الناس لأنه علم فعمل فبعد ذلك يُعلم؛ ولكنه يُخاطب الطلاب على قدر عقولهم. والشيء الذي يخاطب به الطلاب تارةً يكون أمراً نظرياً ، وتارةً عملياً في حدود مستوى الطلاب؛ فشخصٌ يريد أن يعلم الطلاب الطّهارة، يريد أن يعلمهم الصلاة فلا مانع من أنه يتوضأ أمامهم عملياً: هو يعلمهم نظرياً لكن يعلمهم عملياً؛ فالحسن والحُسين -رضي الله عنه- لمّا رأيا رجلاً لا يحسن الوضوء -هو شيخٌ كبير لا يُحسن الوضوء- فتشاورا فيما بينهما من ناحية الوسيلة لتعليمه فاتفقا على أن يتوضأ كل واحد منهما أمامه وأن يُحكّماه في أيهما أحسن وضوءاً، فطلبا منه أن يكون حكماً بينهما فتوضأ كل واحدٍ منهما كأحسن وضوء، فلما انتهيا قالا له: أيّنا أحسن وضوءً قال: أحسنتما وأسأتُ. ثم رجع فتوضأ مثلهما.

        فهذا دليلٌ على أن التعليم النظري إذا قورن بالأمر العملي يكون أوثق؛ وهكذا الأمور التي يمكن أن تطبق من الناحية العملية، فإن المعلم يطبقها للطلاب إذا كانوا لا يفهمونها عملياً؛ لأن تطبيق الجانب العملي مع الجانب النظري -كما ذكرت قبل قليل- يكون أوثق وأوقع وأبقى في نفس الطالب. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (58) من سورة النساء.