حكم التلاعب في سعر الذهب
- البيوع والإجارة
- 2021-06-17
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (268) من المرسل ص.أ.ي، يقول: كنت أعمل في معرض لبيع الذهب والمجوهرات وأسعارهم تختلف عن أسعار السوق في الذهب، فإذا كان سعر الجرام في السوق بثلاثة وأربعين ريالا أجده عندهم بثمانية وأربعين ريالا أو خمسين ريالا نظراً لقلة الحركة التجارية في هذا السوق، مع العلم أنه إذا سألني المشتري بكم الجرام فإني لا أخفي عليه شيئاً، وإذا لم يسألني أبيعه دون أن يعلم بذلك، فهل يعد هذا حراماً؟ مع علم الزبون بسعر الجرام لدينا، وللمعلومية فإن معظم المشترين من الأجانب أي النصارى.
الجواب:
هذه المسألة التي سأل عنها السائل هي نوع من أنواع تلاعب البائعين على المشترين، فهم يتلاعبون فيهم، وأنا أبين شيئاً من الأمثلة التي توضح هذا الموضوع وذلك لأهميته:
الذين يأتون إلى السوق للشراء، منهم الحاذق الذي يتجول في السوق ويعرف أسعار البضائع وأنواعها على اختلافها، وإذا عرف البضائع والأسعار فبعد ذلك يختار البضاعة المناسبة بالسعر المناسب، وهذا بما أنه يأخذ لنفسه من جهة المماكسة، فتجد أن البائع يكون حذراً منه؛ يعني أنه يعطيه بالسعر المناسب خشية من أن يذهب إلى غيره أو أن يأخذ عنه فكرة سيئة، ومن الأشخاص الذين يأتون إلى السوق منهم الشخص الجاهل بالأسعار أو الجاهل بالبضائع أو الجاهل بالأمرين، فحينئذ هذا الشخص يكون محلاً للتغرير من البائعين، فالبائع يجدها فرصة لاستغلال مال المشتري وأخذ الزيادة عليه، وفي هذه الحال فإن الشخص عندما يأتي إلى صاحب المحل يريد منه شيئا فإنما يأتيه وقد بنى إتيانه عليه على الأمانة التي بين المسلمين، فهو عندما يسأله عن السلعة، وتكون عنده سلعة رديئة، ويقول له: هذه طيبة، أو يقول له: أنا أريد سلعة كذا فيعطيه سلعة ليست هي المطلوبة، ولكن يقول له هذه السلعة التي تريد فيغير عليه حقيقة السلعة إلى غير ذلك من الأساليب التي يستغلونها من جهة السلع، أما من جهة الأسعار فهم يستغلون أيضاً إذا كان الشخص جاهلاً بالسعر يستغلون ذلك.
وقد سألني عدد من الناس بالنظر إلى أمور وقعوا فيها، ويريدون المخرج منها، ومن هؤلاء الأشخاص من سألني سؤالاً فيه شيء من الغرابة فقال: عندي خام، وقد بقي عندي أربع سنوات، ولما جئت ونظفت الدكان وجدته، وكان إذا مس بقوة يتمزق من الحرق، فنظفته وجعلته خارج باب الدكان للعرض، وكان متره لا يزيد عن ريالين، فهذا الذي أخرجه استرعى انتباه بعض النساء؛ لعدم وجود مثيل له في السوق فسألوه عن السعر فقال لهم: المتر بأربعة وتسعين ريالا بدلا من الريالين، فعرضه بعد العصر فما غربت الشمس إلا وقد أنهى بيعه، فهو يسأل يقول: ماذا يفعل؟
فهذا أساء من جهتين: من جهة رفع السعر على هذا الشكل والتغرير بالنساء، ومن جهة أيضاً إخفاء العيب الذي بالسلعة؛ لأن الذي جاء يريد الشراء لا يفهم حقيقة هذه السلعة، ولا يفهم أن هذا السعر هو سعرها الحقيقي وكثير من باعة الذهب خاصة يغررون بالنساء، ويغررون بالأشخاص الأجانب إما من جهة الرداءة أو من جهة السعر، فعلى هذا السائل وعلى غيره من الذين يشتغلون بالبيع والشراء أن يتقوا الله بالمسلمين وأن ينصحوا لهم من جهتين:
الجهة الأولى: هي بيان حقيقة البضاعة من رداءة أو توسط أو أنها من النوع الممتاز.
الجهة الثانية: بيان سعرها، فيكون لصاحب الدكان سعر محدد يبيع به على جميع الناس، أما أنه يستغل الناس؛ فشخص يبيع عليه بثلاثين لأنه غرير، وشخص يبيع عليه ما باعه بثلاثين يبيعه مثلا بعشرة؛ لأنه حاذق فهذا لا ينبغي.
فعلى المسلمين الذين يشتغلون في البيع والشراء أن يتقوا الله في إخوانهم الذين يأتون إليهم من جهة الأسعار، ويتقون الله فيهم من جهة البضائع، فلا يغيرون أسماءها، ولا يخفون ما فيها من العيوب؛ لأن المال الذي يكسبونه على هذا الوجه إذا اتقوا الله كان كسبا حلالا، وإذا لم يتقوا الله فإن الكسب يحرم منه بقدر ما حصل منهم من المخالفة.
والحاصل: أن ما سأل عنه السائل لا يجوز له أن يفعله، وكونهم نصارى لا يمنع من النصح لهم، وإنما توسعت من ناحية الإجابة بالنظر إلى كثرة الذين يعملون مثل عمل هذا الشخص، وبالله التوفيق.