المقصود بأسفل سافلين في قول الله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}، وهل صحيح أن المقصود منها هي الدنيا تلك التي نعيشها ونحيا فيها؟
- التفسير
- 2022-01-05
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (8368) من المرسل ي. م. ي من الرياض، يقول: ما المقصود بأسفل سافلين في قول الله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)}[1]، وهل صحيح أن المقصود منها هي الدنيا تلك التي نعيشها ونحيا فيها؟
الجواب:
هذه الآية وما بعدها جواب القسم، والقسم هو قوله -جل وعلا-: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)}[2]، الله -سبحانه وتعالى- خلق الإنسان على صورة حسنة كما قال هنا، وكما قال في سورةٍ أخرى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ}[3]، وكذلك قوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ}[4]، {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)}[5]، وبما أن الله -سبحانه وتعالى- خلقه على هذه الصورة الحسنة، فقد كلفّه أيضاً بتكاليف، بأوامر ونواهي، أرسل الرسل، وأنزل الكتب والرسل بلغوا هذه الكتب، والإنسان يمتثل هذه الأوامر، ويجتنب هذه النواهي، أو يُعرض عنها،أو يعرض عن بعضها، ويعرض له في حياته أعراض من هذه الأعراض تعوقه عما يعمله، إذا كان صحيح البدن من امتثال الأوامر واجتناب النواهي.
وعلى هذا الأساس فقوله -جل وعلا-: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[6] فيها بيان حقيقة أو صفة خلق الإنسان، ثم قال -جل وعلا-: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}[7]، الإنسان يعرض له في حياته المرض، ويعرض له الهرم، ويعرض له كما سبق قبل قليل، لكن هذا الشخص إذا كان يعمل أعمالاً طيبة في صحته، فإن هذه الأعمال التي يعملها في صحته يُكتب له مثلها في حال مرضه وفي حال هرمه، وفي هذا يقول -جل وعلا-: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}[8]، فقوله: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هؤلاء تستمر أعمالهم الصالحة التي كانوا يعملونها في حال صحتهم، تستمر معهم ؛ بمعنى : أنها تكتب لهم في حال مرضهم، في حال عجزهم، في حال هرمهم.
أما المعرضون عن الله -جل وعلا-، فإنها لا تكتب لهم، وبخاصةٍ إذا كان الإنسان معرضاً إعراضاً كاملاً وصلّه إلى درجة الشرك الأكبر، أو الكفر الأكبر، أو النفاق الأكبر.
وعلى هذا الأساس فعلى الإنسان أن يحرص على الاستقامة على دين الله -جل وعلا- في حال صحته رجاء أن يرحمه الله -جل وعلا- هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى أن يكتب له مثل هذه الأعمال الصالحة التي يعملها في صحته يكتبها له في حال مرضه، في حال عجزه، في حال هرمه، وبالله التوفيق.