ما الفرق بين الحاجة والضرورة والواجب والفرض؟
- الأحكام التكليفية (الواجب الموسع)
- 2022-02-23
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10300) من المرسل السابق، يقول: ما الفرق بين الحاجة والضرورة والواجب والفرض؟
الجواب:
الضرورة: تقع للإنسان عندما يخشى على نفسه، أو يخشى على منفعةٍ من منافع بدنه؛ كمنفعة السمع، أو البصر، أو الشم، أو الذوق، أو غير ذلك من منافع البدن، أو يخاف على فوات عضوٍ من أعضاء بدنه؛ كيده، وقدمه، وما إلى ذلك.
وعلى هذا الأساس فتكون الضرورة حاصلةً عند الشخص في حالة مشقةٍ في أعلى درجاتها؛ يعني: في أعلى درجات المشقة، فتكون هذه ضرورة. ولهذا أباح الله -جل وعلا- للإنسان شرب الخمر عندما يخشى على نفسه من الموت من العطش، وأباح له أكل الميتة عندما يخشى على نفسه من الموت إذا لم يأكل من الميتة.
أما بالنظر إلى الحاجة فإن الحاجة تكون بدرجة أقل من درجة الضرورة؛ ولكنها مشقةٌ خارجةٌ عن المعتاد، بحيث إن الشخص يتحملها، ولكنه تحملٌ يحدث عنده مضايقة عظيمة.
وبيان ذلك أن الله -سبحانه وتعالى- شرع هذه الشريعة شرعها عزائم، وشرع بجانب هذه العزائم رخصاً، وهذه العزائم كل عزيمةٍ منها مباشرتها تشتمل على مشقة، وهذه مشقة مناسبة لهذا الأمر المشروع، فنجد الجهاد يشتمل على مشقة، والحج يشتمل على مشقة، والذهاب إلى المسجد لأداء الصلاة يشتمل على مشقة وهكذا. وترك المحرمات يشتمل على مشقة، إلا أن هذه المشقة يسميها العلماء مشقةٌ معتادةٌ؛ بمعنى: إن العمل لا ينفك عنها من جهة أداء المكلف لها، فهذه تسمى مشقة معتادة. وهذه المشقة لم تشرع في جانبها الرخص، عندما ترتفع هذه المشقة وتكون خارجةً عن المعتاد، فإن الله -سبحانه وتعالى- شرع الرخص إلا في ثلاثة مواضع:
الموضع الأول: الشرك بالله، فلا يستباح بأي وجهٍ من وجوه الرخصة.
والثاني: قتل النفس بغيرِ حقٍ فهذا القتل لا يستباح بأي وجهٍ من الوجوه.
والثالث: الإكراه على الزنا بالنسبة للرجل، فلو أكره على الزنا فإنه لا يجوز له؛ لأنه لن يباشره إلا وعنده شيء من الاختيار، وهذا بخلاف المرأة إذا أكرهت على الزنا فإنه لا حول لها ولا قوة.
وبناءً على ذلك شرعت هذه الرخص عندما تكون مزاولةُ العمل مشتملةً على مشقةٍ خارجةٍ عن المشقة المعتادة.
ولهذا نجد أن النسيان يكون عذراً، والإكراه والخطأ والعُسر، وعموم البلوى و الضرورة، فحينئذٍ تكون هذه مشقة خارجة عن المعتاد، وقد ترتفع هذه المشقة إلى درجة الحاجة؛ يعني: تكون أقوى. وقد ترتفع إلى درجة الضرورة.
وعلى هذا الأساس: فتقدير المقام بأنه من باب الضرورة أو من باب الحاجة يرجع في كل مسألةٍ بحسبها عند أهل الاختصاص في هذا الباب.
أما بالنظر إلى الفرض والواجب فهذان لفظان اصطلاحيان، فمن أهل العلم من يُسوّي بين الفرض والواجب. ومنهم من يقول: إن الفرض ما ثبت بأمر بدليلٍ قطعي، وإن الواجب ما ثبت بدليلٍ ظني. وبالله التوفيق.