Loader
منذ سنتين

أقصى درجات الإيمان التي يتذوقها المسلم


  • فتاوى
  • 2021-12-17
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (4216) من المرسل ا. س.م، من الإمارات العربية المتحدة، يقول: ما أقصى درجات الإيمان التي يبلغها المسلم، أو يتذوقها المسلم؟

الجواب:

        الشخص في باب الإيمان يقوى إيمانه ويضعف، بحسب ما يقوم في قلبه وما تعمله جوارحه، فالرسول ﷺ قال: « الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق »[1]. والرسول ﷺ نزل عليه جبريل -عليه السلام- فسأله عن الإيمان، وسأله عن الإسلام، وسأله عن الإحسان، ففي جوابه للإيمان قال: « أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره » ويقول الرسول ﷺ: « ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ».

        وبالنسبة لجوابه عن أركان الإسلام قال: « أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت ». وبالنسبة لجوابه عن الإحسان قال: « أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ».

        فالإحسان مقامان:

        المقام الأول: أن الشخص يعبد الله كأنه يراه.

        والمقام الثاني: أن يعبد الله كأن الله يراه.

         والإسلام يكون بالأعمال الظاهرة، والإيمان يكون بالأعمال الباطنة، لكن الإسلام يحتاج إلى ما يصححه، ولهذا بيّن الله -جل وعلا- حال المنافقين؛ لأنهم يؤدون أعمالاً في الظاهر، ولكنهم لم يؤمنوا في الباطن.

        فالشخص الذي يدعي الإسلام، يحتاج إلى إيمان يصحح هذا الإسلام، والشخص الذي يدعي الإيمان، يحتاج إلى إسلام يحقق إيمانه، فكونه يدعي الإيمان فقط، ولا يصلي، ويقول: الإيمان بالقلب، ولا يصلي، ولا يصوم، ولا يزكي، ولا يحج، هذا يكون قد أخل بالإيمان.

        فالمقصود هو أن الإيمان على درجات، وأن الخصال التي يعملها الإنسان من واجبات، ومن أركان، ومن شروط، ومن سنن هذه هي من أعمال الإيمان. وكذلك تركه لما حرم الله -جل وعلا-.

        وعندما يحصل منه نقص، فإن النقص يأتي على ثلاثة وجوه:

        أن يكون راجعاً على أصل الإيمان، بمعنى: إنه اجتث الإيمان من أصله، وهذا هو الكفر الأكبر، والنفاق الأكبر، والشرك الأكبر. وتارةً ينقص كماله، وهذا هو الشرك الأصغر فالذي يموت على الكفر الأكبر، والنفاق الأكبر، والشرك الأكبر، هذا من أهل النار، والشخص الذي يموت على الشرك الأصغر ولم يتب منه، فهذا إما أن يدخله الله النار ويطهره، وإما أن يأخذ من حسناته بقدر شركه؛ لأن الشرك لا يغفر، لأن الله -تعالى- يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[2].

        أما كبائر الذنوب، مثل الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وما إلى ذلك، فهذه تنقص كمال ثواب الإيمان، لكن إذا مات الإنسان ولم يتب، فهو تحت مشيئة الله، إن شاء الله عذبه، وإن شاء الله غفر له وأدخله الجنة.

        فالمقصود أن الشخص في هذا الباب لا بد أن يراعي أمرين:

        الأمر الأول: هو جانب الإيمان من ناحية العمل.

        والأمر الثاني: هو جانب الإيمان من ناحية ما ينقصه من ترك واجب، أو من فعل محرم، وكذلك الإنسان عندما يفعل صغيرة ويصر عليها، والإصرار على الصغيرة تكون كبيرة.

        أما صغائر الذنوب فالرسول ﷺ بيّن أن صغائر الذنوب يكفّرها الحج، ويكفّرها رمضان، وتكفّرها صلاة الجمعة، وتكفّرها الصلوات الخمس، فينبغي للإنسان أن يكون على يقظة بمعنى أنه يراقب نفسه من جهة خصال الإيمان التي يفعلها، ومن جهة أنه يتجنب الأمور التي تؤثر على إيمانه. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب أمور الإيمان(1/11)، رقم(9)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب شعب الإيمان(1/63)، رقم(35)، واللفظ له.

[2] من الآية (48) من سورة النساء.