Loader
منذ 3 سنوات

هل تكتب السيئات على الصبي قبل البلوغ


  • فتاوى
  • 2021-06-17
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (257) من المرسل السابق، يقول: هل الصبي إذا لم يبلغ، تكتب عليه سيئات؟

الجواب:

        الرسول قال: « رفع القلم عن ثلاثة »، وذكر منهم الصبي حتى يحتلم؛ أي حتى يبلغ، فإذا وجد فيه علامة من علامات البلوغ وهي: أن يبلغ 15 سنة سواء ذكراً أو أنثى، أو أن يحصل إنبات شعر خشن في القبل، أو أن يحتلم، وتزيد المرأة بعلامة رابعة وهي: الحيض.

        فإذا حصل هذا حينها يكون مكلفاً، ولا يرتفع القلم عنه، أما قبل ذلك فيكون داخلاً في قول الرسول : « رفع القلم عن ثلاثة ».

        ولكن هذا يحتاج إلى تنبيه؛ لأنه لا يعني أن الشخص إذا كان صغيراً أو ولي الشخص إذا كان هذا المتولى عليه صغيراً لا ينبغي التساهل والانصراف عن تربيته، فقد أسس الرسول الأساس في ذلك فقال: « مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ».

        فقد دل هذا الحديث على باب الأوامر من جهة، وباب النواهي من جهة:

        فعلى باب الأوامر: أنهم يحملون في تربيتهم على باب الأوامر، فيما يطيقونه، كأمرهم بالصلاة والصيام إذا كان الشخص مستطيعاً على حسب استطاعته.

        وكذلك في النواهي: يبعدون عن الأمور المنهي عنها، لذلك قال الرسول : « وفرقوا بينهم في المضاجع » خشية أن يقع منهم ما لا تحمد عقباه، والتربية في الصغر لها أثر كبير في غرس المعاني الحسنة وإبعاد المعاني السيئة من نفس الشخص؛ لذلك قال الرسول : « كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه »[1]؛ وذلك بسبب التربية التي يربيها الأب لابنه، والله يقول: "فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا"[2]، وفي الحديث القدسي يقول: « خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين »[3].

        والشاعر العربي يقول:

وينشأ ناشئ الفتيان فينا               على ما كان عوده أبوه.

        وإنما أنبه على هذا الأمر نظراً لأن كثيراً من الآباء إما أن يسلكوا مسلك الإفراط في تربية أبنائهم، وإما أن يسلكوا مسلك التفريط، فإما أن يضيقوا عليهم تضييقاً ينشأ عنه انفجار نفسي فيما بعد، وإما أن يتوسعوا في تركهم حتى ينساب الشخص مع أقران لا خير فيهم، وفي هذا يقول علي بن أبي طالب t: « لا يزال الصالح صالحا حتى يخالط فاسداً فإذا خالط فاسداً أفسده »[4].

        والأدلة في هذا الأمر كثيرة؛ منها قول الرسول : « الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل »[5].

        فالقصد من هذا التنبيه على أن الآباء لا ينبغي لهم أن يتركوا أبناءهم الصغار يتساهلون، فمثلاً يبلغ ابنه 15 عاماً، ولا يعرف المسجد أصلاً، أو أن يبلغ ابنه 15 سنة ويذهب مع الناس الذين لا خير فيهم، وبعد ذلك يصعب تقويمه على باب الأوامر ويصعب تقويمه لترك النواهي.

        ولا شك أن الأبناء أمانة في رقاب الآباء، ولهذا يقول الرسول : « ما نحل والد ولداً من نحل أفضل من أدب حسن »[6]، وبالله التوفيق.



[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، ومسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة(4/2047)، رقم (2658).

[2] من الآية (30) من سورة الروم.

[3] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار(4/2197)، رقم(2865).

[4] لم أجد من خرجه.

[5] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس(4/259)، رقم (4833)، والترمذي في سننه، أبواب الزهد(4/589)، رقم(2378).

[6] أخرجه أحمد في مسنده(24/128)، رقم(15403)، والترمذي في سننه، أبواب البر والصلة، باب ما جاء في أدب الولد(4/338)، رقم(1952).